العدد 1187 - الإثنين 05 ديسمبر 2005م الموافق 04 ذي القعدة 1426هـ

ألغام لا نريد لها أن تنفجر

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

تعد البطالة إحدى أكبر القضايا التنموية المهمة، بل تعد أم القضايا التي توشك أن تفتك بالمجتمع، وتظل تهدّد بالانفجار في أية لحظة، إذا لم يتم احتواؤها ومعالجتها بالشكل الأمثل من قبل الجهات الرسمية، وتحتاج إلى قرار سياسي واع ، فقد كانت البطالة السبب الحقيقي لحوادث التسعينات، إلى جانب مشكلة الفقر والجوع طبعاً، إذ تعد البطالة أحد أهم أسباب الفقر والجوع الذي تعاني منه عوائل كثيرة بحرينية، ومع ذلك وعلى رغم المطالبات الشعبية الواسعة وعلى مدى سنوات طويلة، وعلى رغم ما حدث في تلك الفترة من تداعيات، وما أعقبها من وعود وآمال قبيل التوقيع على ميثاق العمل الوطني والتطمينات التي ترافقت مع بداية عهد الإصلاح السياسي بحلّ المشكلة، نجد أنفسنا إلى الآن خارج دائرة الحل. بل ان المشكلة لاتزال تتحرك في الشارع بين الفينة والأخرى، وأعداد العاطلين عن العمل في ازدياد مطرد. وبينما كان العاطل عن العمل في السابق لا يتعدى كونه خريج ثانوية عامة، فإننا اليوم أمام واقع مؤلم، إذ شملت البطالة الخريج الجامعي، سواء الحاصل على الدبلوم أو البكالوريوس أو حتى الدراسات العليا كالماجستير أو الدكتوراه، في الوقت التي تتضخم فيه أعداد الوافدين إلى البحرين والذين يزاحمون المواطنين في أرزاقهم ولقمة عيشهم. فكيف لنا أن نفسر وجود 250000 وافد يقابله 30000 عاطل عن العمل؟ الآن المواطن البسيط يحلّل ويقرأ الساحة بشكل واضح جداً ولسان حاله يقول: ان الحكومة لا تريد لهذا الملف أن ينجز، ولو أرادت أن تقضي على البطالة وأن توفر فرص عمل، لتمكّنت من فعل ذلك بين عشية وضحاها. وبالتالي لا تبدو الجهات المسئولة جادة البتة في التعامل مع هذا الملف تحديداً، بعد أن فشلت في التعاطي معه بالشكل الأمثل. والنتيجة في المقابل أن العاطلين عن العمل تحولوا إلى ألغام يمكن أن تنفجر في أية لحظة تتعرض للمس أو الضغط. المعالجة السابقة ساهمت في ذلك، ولكنها أبت أن تتحمل تبعات ونتائج ذلك، فلم يكن مقبولاً منهم ولا مسموحاً لهم أن ينفجروا حتى لا يتسببوا في الأذى والضرر للآخرين. ولتفادي أذى انفجار ألغام البطالة لابد من العمل على توفير فرص العمل المناسبة للعاطلين، إلى جانب تحسين أوضاعهم المعيشية... وإن كان الواقع يحكي لنا غير ذلك. لم نكن نحلم يوماً بأن تعود حوادث التسعينات، بعد أن ودعنا هذه الأيام على أمل أن لا نلاقيها مجدداً، ولكن ها هي المشكلة تعود لتطل برأسها من جديد، ما نجم عنه مزيد من الاحتقان والتوتر، على خلفية ما أشيع عن تعرض أحد المواطنين العاطلين عن العمل لأذى جسدي كبير، في ساعة متأخرة من الليل على أيدي مجهولين. وهذا الموقف أعاد للأذهان صور التسعينات، لولا مواقف وزير الداخلية الشيخ راشد آل خليفة الذي يتمتع بنفس إصلاحي وموقف إيجابي ينم عن حسن إدارته للوزارة، والنجاح بالخروج من عنق الزجاجة، نظراً لما يتمتع به من سعة أفق. وزارة العمل تدير الآن ملف التعطل والعاطلين عن العمل بشكل مختلف من خلال برنامج التوظيف الوطني، والذي أعلنت عنه الوزارة في الفترة الأخيرة، والذي يعنى بالعاطلين من مرحلة التدريب حتى مرحلة التوظيف، إلى جانب توافر المكافآت المالية أثناء التدريب. ونأمل من خلال هذا المشروع أن يتم استيعاب وامتصاص أعداد كبيرة من العاطلين. كما نرجو من العاطلين التفاعل الايجابي مع المشروع من خلال التسجيل في المراكز المخصصة لهذا الغرض. كما يمكن أن تلعب وزارات الدولة دوراً كبيراً في استيعاب العاطلين عن العمل والاستغناء عن العمالة الأجنبية، ليتحقق بذلك توطين الوظائف المختلفة، ولا ننتظر حتى ينفجر الملف لكي نتعاطى معه بالشكل الطبيعي. ولم يكن من المفترض أن ننتظر حتى يتم التعامل مع الملف على مستوى الشارع لكي نفكر في وضع حلول عملية للمشكلة. وليس من الصحيح ان ننتظر لتأخذ البطالة مأخذها من الشعور المتفاقم بالإحباط واليأس، حتى تقوم الجهات المسئولة بالطرح أو الإعلان عن مشروع هنا أو هناك، ليسهم بشكل أو بآخر في حل مشكلة البطالة، حين يخرج الموضوع عن إطار السيطرة. فإذا فشلنا في إدارة هذا الملف الحساس فلن يجدي إلقاء اللوم على طرف واحد وهو العاطلون، حين يفكرون في التعبير عن مطالبهم بطريقة أو بأخرى. مع انه يظل من الواجب عليهم اختيار الأسلوب الأمثل للتعبير، مع الأخذ في الاعتبار أن أمن الوطن لا يمكن التفريط فيه أبداً، فهو من أهم النعم التي تنعم بها البحرين مقارنة بالدول الأخرى

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1187 - الإثنين 05 ديسمبر 2005م الموافق 04 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً