العدد 1187 - الإثنين 05 ديسمبر 2005م الموافق 04 ذي القعدة 1426هـ

ندوة «الأسس الفلسفية»: فنون ما بعد الحداثة تنشئ منصة مهمة للحوار

تناولت موضوع الحوار بين الفنون

أكد المشاركون في ندوة «الأسس الفلسفية والجمالية لحوار الفنون» وجود مجموعة من الفنون جسدت العلاقة والحوار فيما بينها وأن فنون ما بعد الحداثة استطاعت أن تنشئ حواراً مختلفاً بين تلك الفنون. جاء ذلك، خلال الندوة التي جرت صباح أمس الأول (الأحد) 4 ديسمبر/ كانون الأول الجاري بقاعة مجلس كلية الآداب بجامعة البحرين، والتي شارك فيها أستاذ علم نفس الابداع بجامعة الخليج العربي شاكر عبدالحميد، أستاذ البلاغة الجديدة بجامعة القاهرة طارق النعمان، الأستاذة المشاركة في كلية الآداب نهى بيومي، الأستاذة المساعدة بقسم الاعلام بجامعة البحرين هدى المطاوعة، الروائي البحريني فريد رمضان والفنان البحريني جمال عبدالرحيم.

علاقة الأدب بالتصوير

تحدث أستاذ علم نفس الابداع بجامعة الخليج العربي شاكر عبدالحميد عن العلاقة بين الأدب وفن التصوير. وذكر أن هناك فنوناً جسدت هذه العلاقة. وأوضح «ان فن القصة القصيرة مثلاً فن يحتاج إلى شيء من الإدراك للواقع أو الإدراك للذات. ونجد أيضاً أن فن التصوير يحتاج إلى هذا النوع من الإدراك. فالقصة القصيرة والتصوير يحتاجان إلى الخيال وإلى الذاكرة وإلى نوع من العلاقة التي تتحرك من المجسد إلى المجرد. فالقصة القصيرة والتصوير هما أشبه بالرسالة الموجهة من الأنا إلى الآخر أو من الآخر إلى الأنا هذا إلى جانب البعد الاجتماعي. والحضور الكثيف للآخر داخل هذين الفنين. ويصح القول أيضاً إن هذا صحيح بالنسبة للفنون جميعها. وليس فقط بالنسبة لفن القصة القصيرة والتصوير. ان هذه العلاقة تتبدى أيضاً من خلال بعض الأقوال في تاريخ الفن. على سبيل ما قاله دافنشي: ان التصوير هو الشعر الذي يرى ولا يسمع. والشعر هو التصوير الذي يسمع ولا يرى. أو كما قال سيموندس: «ان التصوير شعر صامت والشعر تصوير متكلم».

سياق ما بعد الحداثة

ورأى أستاذ البلاغة الجديدة بجامعة القاهرة طارق النعمان في ورقته عن «حوار الفنون في سياق ما بعد الحداثة» أن مأزق النص القرآني حين كان يراد التدليل على إعجازه استند إلى مفهوم النظم. وأضاف «ونحن نعرف جميعاً أن لدى الجاحظ كتاباً بعنوان «نظم القرآن» وظل مصطلح النظم يتكرر كثيراً داخل التراث البلاغي العربي، إذ طرح لدى الكثير من البلاغيين إلى أن أتى عبدالقاهر الجرجاني وطرح مفهوم العبقرية في النظم. وما يلفت الانتباه في نص عبدالقاهر الجرجاني هو الكلمات التي استخدمها الجرجاني فيما يتعلق بالمصطلحات التي تنتمي إلى مجال الصناعات. ففي نصي الأسرار والدلائل نجد أن عبدالقاهر يستخدم أنواعاً لمواد نفيسة كالذهب، الابريز واللآلئ. إذ تكررت تلك المصطلحات ما بين در وذهب وجواهر وما بين فضة وابريز في أكثر من 41 مرة. ونجد أيضاً في ذلك النص المصطلحات الدالة على العملية مثل الصنعة، الصياغة، النقش، النحت والتصوير في معدل تكرار عال . وهناك أيضاً النظم، الترتيب، النسق، الضم، البناء، الارتباط، الاتحاد، الملائمة وكلها مصطلحات ذات علاقة لصيقة جداً بمجال الفنون الأخرى التي كان يطلق عليها اسم الصناعات».

هويات النساء المتحركة

بينما أكدت الأستاذة المشاركة في كلية الآداب نهى بيومي في ورقتها التي قدمتها بعنوان «الهجنة في الفنون والجندر: هويات النساء المتحركة» أن مجال فنون ما بعد الحداثة، ينشئ منصة مهمة للحوار. ما بين الذكورة والأنوثة، بين الهويات والمفاهيم. والتصورات كما يرسم خريطة التغيرات التي طالت الهويات عموماً. وأضافت «انني انطلق من فرضية أن ازدياد أعداد الفنانات عربياً وعالمياً مع شيوع فنون ما بعد الحداثة، والتي أنشأت حواراً مختلفاً بين الفنون واستخدمت وسائط سمعية بصرية فتداخلت السجلات الفنية في بعضها بعضاً مقتحمة حدود النوع الفني فاتحة اياه على الوسائط الجديدة. وأن ارتفاع نسب الفنانات المشاركات في هذا المسار الفني له دلالات ثقافية مهمة ­ من وجهة نظرنا ­ تؤكد التشابك بين الفني التكنولوجي والمعرفي على مستوى الأعمال الفنية وهوية منتجيه. وتفصح عن العوامل الفلسفية والثقافية العامة التي تشير إلى تعدد التداخل والتشابه بين جميع الفنون واعتماد المشهد والعين والنظر كمحور أساسي في وجودنا، كما تشير إلى الانفتاح بين الثقافات بين مختلف أرجاء العالم مع تنامي دور العولمة والتأثر بالثقافات الأخرى وثقافة الموضة التي ترتبط بمفهوم الزوال والوقتي والعابر».

البحث عن الإنسانية

بينما وجدت الأستاذة المساعدة بقسم الاعلام بجامعة البحرين هدى المطاوعة في ورقتها «الخط التنويري في المنهج النقدي. تحرير الانسان من خلال وجهة نظر اتصالية للعالم» أننا بالبحث عن انسانيتنا سنتمكن من تحقيق قوة التواصل. وأضافت «فبدلاً من التخوف من الأفق المفتوح على الاحتمالات والسماح لذلك الخوف بالتحكم فينا تسعى نخبة من الباحثين في مجالات علمية متقاطعة إلى البحث عن انسانيتنا في أعماق هذه الحالات المليئة بالاحتمالات وعدم الوضوح لايجاد القوة والقدرة على طرح الأسئلة. وعند ذلك فقط سنتمكن من حيازة القدرة على التحكم في حياتنا، وابتداء العمليات المتعلقة باعادة العالم جديدا وأكثر إنسانية. فالناس تنتقي خياراتها عادة بناء على أهداف لها علاقة بحياتهم الاجتماعية. ومع ذلك فان تلك الميول الطبيعية والصحية تشكل معضلة بالنسبة لمجتمعاتنا العالمية والمادية. وخصوصاً مع وجود الثقافة المؤسسية التي تسيطر على أذهاننا بحيث يتحول سعينا إلى حياة عادلة أقل تهديداً للحال القائمة.

المرئي واللامرئي

كما كشف الروائي البحريني فريد رمضان في مداخلته عن جزء من تجربته المشتركة مع الفنان جمال عبدالرحيم في نص «نوران». قال رمضان: «ان علاقتي مع الفنان جمال عبدالرحيم بدأت منذ العام 1994 حين انطلقت فكرة صناعة أول كتاب فني محدود العدد، والكتاب الفني محدود العدد هو الكتاب الذي يصنعه الفنان بيده من دون تدخل من مؤسسات المطابع أو النشر. وقد التقيت به منذ ذلك العام ولم ننقطع عن الحوار ليس في مجال كتابي الوحيد الذي عملت معه فيه بل استمر ذلك الحوار مع معظم تجاربه مع الكتّاب العرب والأوروبيين الذين عمل معهم في عدة كتب. فحوار الفنون يرتبط بجدلية فلسفية في ربط فنون وتجارب ابداعية متكاملة أي هي مكتملة الخصائص قبل بدء حوارها مع الفنون الأخرى، فكيف يتحاور معنيان لكل منهما فلسفته الخاصة في التعبير احداهما ظاهر والآخر باطن. وكيف يتحاور المرئي واللامرئي. هذا ما كانت تجربتنا تحاول الإجابة عنه».

من خلال التاريخ

وأردف الفنان جمال عبدالرحيم بالحديث عن تجربته مع مجموعة من الفنانين والشعراء العرب والعالميين. فقال: «ان تجربتي في مجال الكتب بدأت بتجربة نوران بعد أن زارني الفنان الكبير ضياء العزاوي في مرسمي وطرح علي فكرة العمل في مجال الكتب أسوة بعملي في مجال الحفر والطباعة». فاستجبت لما طرحه وخصوصاً نحن محدودو الرؤية ورحلاتنا قليلة للاطلاع على تجارب الآخرين فمعظم تلك الأسفار والرحلات مبادرات شخصية هذا إلى جانب أن المشروع الفني في البحرين هو مشروع شخصي ليس له علاقة بالدولة. ولماذا اتجهت إلى الكتاب. أجيب بأننا قبل أن نبدأ بعمل أي شيء نتساءل من أين نبدأ؟ وخصوصاً أن حضارتنا هي حضارة لغة وكتاب. وكيف يتسنى لي أن أخلق حواراً بيني وبين الآخر الذي يمكن أن يكون غربياً أو من أي كان في العالم، واعتقادي أننا متى أردنا أن نخاطب الآخر فلابد من أن نخاطبه من خلال تاريخنا»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً