تسلمت البحرية التركية يوم أمس (الأحد) قيادة قوات التحالف البحرية التابعة للأسطول البحري الخامس والمسئولة عن مكافحة أعمال القرصنة في خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي.
ويُعد انتقال القيادة إلى البحرية التركية، والذي تم في مقر الأسطول الخامس بالجفير، أول قيادة للبحرية التركية ضمن نطاق الأسطول وكذلك أول قيادة غير أميركية للمجموعة التي تم إنشاؤها مطلع العام الجاري بهدف مكافحة أعمال القرصنة الصومالية.
ويأتي تسلم البحرية التركية لهذه المهمة بعد أقل من 24 ساعة من إعلان وزير الخارجية التركي الجديد أحمد داوود أوغلو عن رغبة بلاده لعب دور أكبر في الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز.
الجفير - مازن مهدي
رغبة تركيا في لعب دور أكبر في منطقة الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز التي أعرب عنها وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو يوم السبت بعد تسلمه منصبه الجديد، بدأت على أرض الواقع في أقل من 24 ساعة بعد أن تسلمت البحرية التركية مهمات قيادة جهود قوات التحالف البحرية لمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية في حفل أقيم بقيادة الأسطول البحري الخامس بالجفير صباح أمس.
أوغلو كان قد أشار إلى أن تركيا الآن لديها رؤية سياسية أقوى تجاه الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز، وأن عليها أن تلعب دورا أكبر لإعادة الاستقرار في تلك المناطق حسبما تناقلته الصحافة التركية يوم أمس.
وبحسب بعض الخبراء فإن تولي تركيا لقيادة المجموعة البحرية، وهي الأولى لها ضمن الأسطول البحري الخامس وأول قيادة غير أميركية للمجموعة، يتجاوز مكافحة القرصنة ويعكس الدور المحوري لأنقرة المتزايد في النمو في الشرق الأوسط.
ورغبت واشنطن في أن يكون لتركيا دور أكبر كشريك رئيسي في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط بين العرب والإسرائيليين وتحسين علاقة واشنطن مع العالم الإسلامي وخاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك اوباما لتركيا الشهر الماضي، وهي أول زيارة لدولة إسلامية يقوم بها بعد تسلمه الرئاسة.
من جانبه اعتبر المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية إبراهيم الرميحي، أن تزايد النفوذ التركي يمثل عامل توازن في ميزان القوى في المنطقة وخاصة بعد الدور الذي لعبته تركيا في فلسطين وتحسن علاقاتها مع سورية ودول الخليج.
وأوضح الرميحي أن خليج عدن يشهد نشاطا من بعض القوى في المنطقة ليظهروا نفوذهم من جهة ولحماية مصالحهم القومية من جهة أخرى.
وكانت باكستان أول دولة إسلامية تتسلم قيادة جهود قوات التحالف البحرية لمكافحة الإرهاب في محيط المنطقة نفسها في أبريل/ نيسان من العام 2004. فيما توجد سفن حربية روسية وصينية وهندية في تلك المنطقة لحماية قوافلها من السفن أثناء عبورها خليج عدن من هجمات القراصنة الصوماليين، كما تعمل مجموعة تابعة لقوات الناتو لحماية قوافل الإمدادات الغذائية التابعة للأمم المتحدة للصومال إلى جانب المجموعة البحرية ISI التي أنشئت مطلع هذا العام للتصدي للقراصنة تحت إمرة الأسطول البحري الخامس، وتسلمت تركيا قيادتها أمس، وتشمل سفنا حربية من الدنمارك وبريطانيا وكوريا الجنوبية، إلى جانب دول أخرى. واعتبر تقرير لمجلة «ستراتفر» الأميركية المختصة بالشئون الأمنية صادر أواخر الشهر الماضي، أن تسليم القيادة لتركيا يعكس الثقة المتزايدة لواشنطن في أنقرة والدور الذي تلعبه، معتبرا أن الولايات المتحدة الأميركية تستعرض قدرات البحرية التركية في وقت جيوسياسي مهم، فيما يتزايد النفوذ التركي من جهة، ولإعادة بناء الثقة مع القوات المسلحة التركية من جهة أخرى والتي تشعر بأن نفوذها في تركيا قد تقلص مع وصول الإسلاميين لسدة الحكم.
قائد الأسطول البحري الخامس اللواء البحري ويليام جورتين، اعتبر من جانبه أن خليج عدن يمثل ممرا بحريا حيويا لاقتصاد دول المنطقة والعالم، مضيفا أنه من دون الحماية التي توفرها قوات التحالف للملاحة في المنطقة سواء للسفن التجارية أو الصيادين أو المتنزهين فإن التجارة التي تعتمد عليها معظم دول العالم ستكون في خطر، معرضة اقتصادات دول المنطقة والدول المجاورة للخطر، موضحا أن توفير الأمن يضمن الاستقرار وهو ما يشجع التجارة ويساعد على استمرار النمو الاقتصادي في المنطقة ودول العالم.
وفيما أكد جورتين أن مكافحة القرصنة والقضاء عليها لا يمكن أن يتحقق من دون إيجاد حلول على الأرض عبر إعادة النظام والاستقرار إلى الصومال، فإنه بيّن أن جهود قوات التحالف البحرية ستستمر للقضاء على ذلك الخطر، إذ إن المجموعة البحرية ISI تم إنشاؤها تماشيا مع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في هذا الصدد. وكشف جورتين أنه منذ إنشاء المجموعة البحرية فإن قوات التحالف تصدت لـ 320 قرصانا، 175 منهم تم تجريدهم من سلاحهم وإطلاق سراحهم، و137 آخرين تم تجريدهم من سلاحهم وتقديمهم للمحاكمة، فيما قتل 8 منهم.
وأردف أن القدرات لدى القراصنة للقيام بهجمات ضد السفن قد تم إضعافها في تلك الفترة نفسها إذ تمت مصادرة أو تدمير 36 قاربا ومصادرة الأجهزة التي يستخدمونها بما في ذلك 162 قطعة سلاح صغير و30 قاذفة قنابل (آر بي جي) و61 قطعة آر بي جي و28 سلما و9 أجهزة إلكترونية لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية و23 هاتفا نقالا.
من ناحيته، اعتبر اللواء البحري التركي كونر بيفر أن نجاح جهود مكافحة القرصنة تعتمد على مزيد من التنسيق بين قوات التحالف ودول المنطقة.
العدد 2432 - الأحد 03 مايو 2009م الموافق 08 جمادى الأولى 1430هـ