مازالت تتعامل قوى المجتمع البحريني الرسمية منها والأهلية مع ما يجري من حوادث «أمنية» بأسلوبين مختلفين تماماً، ففي الوقت الذي كان من المتوقع فيه ان تستفيد بعض تلك القوى من مجريات الحوادث السابقة وتلجأ إلى مراجعة مدى جدوى خطابها في تهدئة الأمور، بدت على ما يبدو متمسكة بأساليبها «الخاصة». النمط الأول الذي لجأت اليه بعض المؤسسات والشخصيات الوطنية عبر الاعلام والصحافة في تعاملها مع الحدث الاخير مثلاً، انحصر في لغة التنديد والتهديد وحمل بين طياته صوراً من التحدي والمواجهة، وهو خطاب لم يخلُ من الانفعالية. وهذا النمط لو أمعن فيه متبنوه لم يسهم في حل كثير من حالات التشنج التي مرت بها المملكة فضلا عن بقية دول العالم. فالتصعيد في لغة الخطاب إزاء الانفلات الأمني مهما كان سببه من دون النظر في الاسباب والعواقب بحكمة وروية لا يؤدي الا الى مزيد من «شد الحبل» والتأزم الذي يزيد من تفاقم المشكلة. ولنا في الدول التي كانت ومازالت تعاني من الأزمات الأمنية أسوة. من جهة، أخرى فإن النمط الثاني الذي لم ينتهجه إلا القليلون تمثل في عقلنة النقد والقراءة المتأنية للحدث قبل إطلاق التهم، ومن ثم الخروج إلى الشارع بخطاب متزن تحكمه المصلحة الوطنية وسياسة الاحتواء. وهذا النوع من التعامل، إذا لم يكن هدفه الالتفاف على الوضع، يمكنه أن يؤسس لممارسات ديمقراطية واعية تتناسب والاطروحات العالمية التي ينادي بها الجميع. لم يكن من الحكمة الخروج عن المنهج السلمي الذي أثبت مدى فاعليته. ولم يكن من الحكمة اللجوء إلى بيانات الشجب و«إعادة النظر في التوظيف» وكل الأساليب التي لم تؤت أكلها في إخماد نار التسعينات. ولكن الحكمة كانت في لقاء وزير الداخلية بـ «الضحية» والأهالي والرموز للتعرف على المشكلة عن قرب. كما كان من الحكمة ان يخرج وزير العمل بمشروعه الوطني لايضاح مدى جدية الحكومة في استئصال «طاعون البطالة»
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1186 - الأحد 04 ديسمبر 2005م الموافق 03 ذي القعدة 1426هـ