كل المؤشرات الدولية تؤكد ان قوات الاحتلال في العراق ستبدأ انسحاباً سريعاً ومتتابعاً بعد الانتخابات النيابية التي من المؤمل ان يشهدها العراقيون بعد أقل من أسبوعين. نعم، قد يقول الرئيس الأميركي جورج بوش انه لا يقبل بغير النصر على الإرهابيين في العراق، وانه يرفض تحديد جدول للانسحاب، وقد يضيف رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير على كلام بوش فيقول ان القوات البريطانية لن تنسحب قبل ان يتمكن الجيش والشرطة العراقيان من حماية بلدهما، لكن، هل يستطيع بوش وبلير الإيفاء بتصريحاتهما؟ تاريخ أميركا وبريطانيا ليس البعيد يثبت ان قراراً من مجلس الشيوخ الأميركي أو من مجلس العموم البريطاني أو ربما استطلاعاً يظهر تدني شعبية بوش أو بلير أو موقفاً عراقياً تهتز له واشنطن، كافية لإعلان سحب القوات الأجنبية من العراق دون تحقيق النصر أو انتظار تمكن القوات العراقية من حماية العراقيين، وأعتقد ان فيتنام وبعدها إيران ومثلها الفلبين أمثلة ما زالت تؤكد ان التصريحات تتغير بتغير مواقف الشعوب لا القادة. لا نعتقد ان هذا الكلام خاف عن بوش أو بلير، إلا إذا كانا لم يدرسا تاريخ بلديهما وعرفا كيف تجري الأمور فيهما. كما لا نعتقد ان تترك واشنطن ­ التي ضحت حتى يوم أمس بـ 2100 جندي أميركي وغيرهم عشرات الآلاف من المصابين والجرحى والمعوقين نفسياً ­ صناديق الانتخابات لتقول كلمتها في مستقبل العراق، الذي لا تخفي واشنطن «ظلاميته» بالنسبة لها. ان السيناريو القادم جربته لندن في العراق قبل 84 عاماً، لكن سيكون بـ «رؤية إخراجية هوليودية مغايرة»، وهو ان تتم (حياكة) برلمان مهمته إنشاء حكومة قادرة على تنفيذ مصالح واشنطن في العراق على طريقة «ان الحاكم الوطني قادر على التنفيذ أفضل من المحتل».