تصاعدت في الآونة الأخيرة عمليات الخطف في العراق لتذكر أن هذا الخطر لايزال قائماً في هذا البلد وفي أي بلد تنتهك سيادته بالاحتلال، وأنه لا أحد بمنأى عنه ولاسيما العراقيين أنفسهم. إذ لايزال مصير الرعايا الغربيين الخمسة، وهم: كنديان وأميركي وبريطاني وعالمة آثار ألمانية، فضلاً عن مواطن عراقي، مجهولاً. إن عمليات الخطف تعتبر في الحقيقة واقعاً يعيشه العراقيون والمعاهدون من الأجانب يومياً، إذ إن عدد العراقيين الذين يخطفون وخصوصاً الأطفال أكثر بكثير من عدد الأجانب. صحيح لا توجد إحصاءات رسمية بشأن عدد العراقيين المختطفين في العراق، ولكن التقديرات تتراوح بين مئات وآلاف عدة منذ سنتين. وفي غالبية الحالات تكون عمليات الخطف بدافع الحصول على أموال. فمع الفوضى التي رافقت الغزو الانجلو­أميركي وانعدام هيبة القانون، ظهرت جماعات تبحث باستمرار ومن دون توقف عمن تخطف وهذه الجماعات ليست لها دوافع ايديولوجية معينة بل مالية بحتة. والدليل على ذلك أنها لا تفرق بين عدو محتل وصديق رفض الحرب على العراق، ولا بين مواطن صاحب سيادة وأجنبي معاهد وأعزل، ولا بين مسلم وغير مسلم. فبالإضافة إلى خطف العراقيين تعرض مصريون وأردنيون ولبنانيون ومغاربة إلى هذه العمليات الابتزازية. إن انخفاض معدلات عمليات خطف الرعايا الغربيين في العراق خلال الأشهر الماضية كان بسبب وجود عناصر تحميهم أو بسبب تركهم العراق. ومن النادر أن ترى غربياً يتنقل اليوم في بلاد الرافدين من دون وجود حراس شخصيين يتولون حمايته. فالشعور بالخطر من عمليات الخطف تصاعد لدى الغربيين في العراق بعد خطف الإيطاليتين والصحافيين الفرنسيين نهاية العام الماضي. وما يثير الامتعاض هنا هو أن عصابات الخطف تستهدف زوار العتبات المقدسة في جنوب العراق. فهؤلاء لا ناقة لهم ولا جمل فيما يمر به العراق من أزمات، وكذلك خطف موظفي الإغاثة الذين يقومون بعمل إنساني جليل من أجل المواطنين المحتاجين. لذلك ينبغي على الجميع استنكار الخطف بكل أشكاله ومبرراته، فهو يضر بالمصلحة العراقية في المقام الأول، ويشوه صورة العرب والمسلمين. وعلى علماء الأمة اتخاذ مواقف حازمة تجاه هذه الظاهرة النشاز حتى ينعم الجميع بالحرية والأمن.