العدد 1184 - الجمعة 02 ديسمبر 2005م الموافق 01 ذي القعدة 1426هـ

توزير الجمعيات المعارضة... ما المانع؟،

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

بما أن الدولة صرحت علانية بأنها ترتضي ضمنياً أن تتحول الجمعيات السياسية إلى أحزاب سياسية متكاملة ومنظمة، وبما أنها تعتقد ­ عبر تصريحاتها الرسمية ­ أن قانون الجمعيات السياسية يمثل أولى الخطوات الجادة نحو تحقيق هذه المرحلة السياسية الجديدة في البحرين، فإنها، وبلاشك، مدعوة الى أن تُضَمِن تشكيلتها الوزارية القادمة عقب الانتخابات المقبلة «شخصيات» من الجمعيات السياسية البحرينية سواء ذات التوجه الحكومي أو المعارض. قد يرى البعض أن الحكومة لا يمكن أن تقتنع بخيار تضمين وزارتها شخصيات من شتى أطياف الجسم السياسي، وخصوصاً أن قراءة «توزير شخصيات معارضة» تمثل صورة متقدمة سياسياً مقارنة بالتجربة البحرينية الوليدة. وفي هذا الرأي شيء من الواقعية المتأثرة بالقراءات التي لا تتطلع لكسر «جمود الوضع السياسي البحريني». فهناك مكاسب سياسية مهمة ستجنيها شتى الأطراف السياسية إن تبنت الدولة هذا الخيار، فتوزير وزير أو اثنين من الشخصيات البارزة في «الجمعيات المعارضة» له إيجابياته الكبرى بالنسبة إلى الحكومة والجمعيات المعارضة في الوقت نفسه. أولاً: ثمة مغالبة ومقابلة تاريخية بين أي مجلس تشريعي والحكومة، وغالباً ما تلجأ الحكومات إلى توزير بعض الشخصيات المعارضة في وزارات ذات حساسية خاصة، والهدف من ذلك في الغالب «تحجيم وتحديد» ردود الفعل العدائية من قبل النواب المنتمين لهذه الأحزاب تجاه البرامج التي يقرها مجلس الوزراء، ومن جهة أخرى يتيح هذا الأمر للحكومة الاطلاع على الاقتراحات والرؤى السياسية والاقتصادية للقوى من دون الاصطدام بها في البرلمان ومن ثم تعطيل المشروعات الحكومية والقوانين. ثانياً: يتيح ذلك المجال لتخفيف الاحتقانات الحكومية مع الجمعيات المعارضة على أكثر من صعيد، كما يعطي الحكومة القدرة على مسايرة الجمعيات صفقات تنازل عن بعض الملفات مقابل تمرير ملفات مقابلة للمعارضة داخل مجلس الوزراء لا من خارجه بما يحفظ للحكومة هيبتها، هذه الهيبة التي كلفتها وكلفتنا الكثير في الأزمات الماضية. ثالثاً: ستضع الحكومة «الجمعيات السياسية» في اختبار مهم وصعب، فالجمعيات تكثر من انتقاد سياسات الحكومة في إدارة كثير من الملفات الشائكة كالصحة والتعليم والعمل والإسكان، لذلك ستكون فرصة ذهبية للحكومة لتتعرف الجمعيات على صعوبة العمل الميداني بعيداً عن التنظير. كما قد تستفيد الحكومة «سياسياً» من ممثلي الجمعيات فيها، في حل هذه القضايا في فرض حلولها وخططها، وأستذكر في هذا السياق «توزير الإسلاميين»، وهو الخيار الذي قام به الرئيس التونسي السابق بورقيبة، فلما فشل الإسلاميون في إدارة مناصبهم وخدمة الناس، طالب الناس أنفسهم بإسقاط «المتدينين». رابعاً: ستستفيد المعارضة في أن تدلل «بواقعية» على أنها تمتلك خيارات التنمية والتطوير وحلحلة الملفات العالقة داخل أجهزة الدولة، كما ستفسح هذه التجربة للجمعيات المجال نحو الكشف عن مدى قدرتها «الحقيقية» على إنتاج بدائل منطقية للبرنامج الحكومي. وهو ما يشكك فيه البعض ممن يرون ان الجمعيات تعارض لمجرد المعارضة «لا أكثر». خامساً: ثمة صورة ذهنية لدى الكثير من الرموز المعارضة بشأن «منصب الوزير الحكومي» وهذا ما قد يعطل فاعلية التوزير للجمعيات السياسية وخصوصاً المعارضة، إلاّ أننا في الغالب وفي هذه المرحلة الإصلاحية بحاجة إلى مجلس وزراء قادر على تجاوز هذه الصورة الذهنية وصناعة تعايش جديد بين الجمعيات السياسية ومجلس الوزراء بشكل أكثر فاعلية. سادساً: سيثمر هذا التمازج الحكومي المعارض داخل مجلس الوزراء عن خلق حال من الحوار السياسي المستمر بين الأطياف السياسية البحرينية كافة من جهة والحكومة من جهة أخرى، وهو ما نجده بشكل «عنيف» في الغالب داخل أروقة البرلمان. فإذا كان من ديناميكية المجالس البرلمانية أن تبنى على «الصراخ والاختلاف» فإن مجلس الوزراء في الغالب هو وحدة متحدة وقادرة على صناعة قراراتها بانسيابية وتفاهم أكبر، قد تنتج بعض الإشكالات وهذا أمر متوقع، إلاّ أننا في الغالب سنحصل على إيجابيات الحوار المستمر، والجميع ­ من دون استثناء ­ يراهن على أن لغة الحوار قادرة على إنجاز ما تعجز عنه اللغات الأخرى

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1184 - الجمعة 02 ديسمبر 2005م الموافق 01 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً