السؤال الذي كان يدور لدى المخلصين من أبناء البحرين خلال الأيام الماضية: ماذا سيحدث إذا سقط أحد أفراد الشعب أو أحد أفراد الأمن قتيلاً بسبب الحوادث التي تم تصعيدها بصورة فجائية؟ لا يمكن لنا أن نتصور العواقب، وندعو الله ان يحمي البحرين من حوادث توقع ضحايا، كما ندعو الله ان يحمي مكتسباتنا الوطنية التي تحققت عبر تضحيات المخلصين الذين لم يكونوا في يوم من الأيام بحاجة الى حركات بهلوانية للظهور في الأخبار والتحدث بصفة لم يتحدث بها حتى عظماء التاريخ الذين ساهموا في نقل الإنسانية إلى مستوى أرقى من الحرية والكرامة. البعض يتمنى ان يتم اعتقاله، والبعض الآخر يتمنى ان تحترق البحرين من أجل ان ينشر بياناً يسطر فيه «أمجاده» وكيف أنه «يتحدى النظام» و«يدعو الى إسقاطه»، وهو يعلم سلفا ان البيئة الحالية تسمح له باطلاق مثل هذه الدعاوى والتباهي وكأنه القائد الأعظم الذي سيقود البلاد الى الحرية والانعتاق. ليس هناك وقت «للمباهلة» مع هؤلاء، ولكننا بحاجة الى مراجعة عدد من الأمور التي ينبغي ان نتحدث عنها بصراحة. وفي بادئ الأمر، كان هناك أحد المواطنين الذي قال إنه تعرض لاختطاف من منزله وتهديد بالاعتداء الجنسي لأنه سعى الى تنظيم اعتصام للعاطلين، وانتشرت القصص عن الجهة التي ربما قامت بمثل هذا الأمر. وفي مساء أمس توجهت بسؤال عن هذا الموضوع إلى وزير الداخلية بعد اللقاء الذي جمعه مع عدد من الأهالي، وكان رد الوزير أنه لا يوجد أي جهاز أمني على حد علمه قد قام بذلك، بما في ذلك من هم مسئولون عن الحرس الملكي. وأبدى الوزير استعداده لإشراك أية جهة في تحقيق مستقل للتعرف على حقيقة الأمر، ومن ثم معاقبة الجناة إذا ثبت أي شيء ضد أية جهة كانت. ثم كان هناك الحديث عن البطالة، وضرورة الإسراع في حلها، وكان الوزير يتحدث بحرقة قلب وهو يشير الى ان وزارة الداخلية وظفت أعداداً غير قليلة أخيراً، بل ان بعض المتظاهرين أخيراً كانوا ممن حصلوا على وظائف في الداخلية، ومن بين المتظاهرين أطفال لا يجوز توظيفهم على أي حال. على أن المشكلة التي نعاني منها لا تتعلق بموضوع البطالة فقط بقدر ما تتعلق بأزمة ثقة بين مختلف الأطراف. فالبطالة مشكلة ستحتاج إلى حلول جدية وسريعة، والعوائل البحرينية تتضرر من انخفاض مستوى المعيشة باستمرار. وهذا الكلام قالته المعارضة وقاله سمو ولي العهد، وهو موضوع الساحة والجميع يجب ان يشترك في حله. ولكن لن تحل الأمور من خلال تأزيم الأجواء بما يعود بالضرر على الفئات المستضعفة أساساً. إن البحرين بلد صغير جداً، والجميع يعرفون بعضهم بعضاً، والناس تعلم من يتباهى، ومن يعمل، ومن يسرق، ومن يتلاعب، ومن يخلص، ومن لا يخلص. وهذا البلد الصغير يكفي أن تتحرك مجموعة من الشباب لشله عن الحركة في هذه البقعة الاستراتيجية أو تلك. والسلطة لديها خيار استخدام القمع والعودة الى أجواء «أمن الدولة»... ولا ندري إذا كان من بين من يقوم بالأعمال البهلوانية وتصريحات «المباهلة» من يعمل فعلاً على إعادة قانون أمن الدولة، سواء كان عن علم أو جهل. كل هذه الأمور لا نعلم أجوبة محددة لها حالياً، ولكن ما نعلمه هو أن البحرين تحتاج الى العقلاء والمخلصين لحماية أهلها من أن تزهق أرواحهم بسبب تأجيج وتصعيد يستهدف خلق الأمجاد الوهمية للباحثين عن «المباهلة» بدلاً من الدفاع عن الحقوق العادلة لشعب البحرين.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1184 - الجمعة 02 ديسمبر 2005م الموافق 01 ذي القعدة 1426هـ