يذكر صديق لي عاش في تركيا منذ سنوات أن أحد أساتذة الجامعة من الأتراك كان فطنا، وكان ممن يجيدون العربية، فأراد أن يجيب على سؤال محرج لأحد طلبته بجواب دبلوماسي ونحوي في الوقت ذاته: "المعنى في بطن الشاعر"! ما بين قلب الشاعر وبطن الشاعر ثنائية صعبة ومتعارضة، فإذا غاب القلب تغيب الضمائر وتشترى الهمم، فبطن الشاعر يريد أن يلتهم من المال العام المصون أكثر فأكثر، وخصوصا إذا غاب عقله وضميره، على أن هذا الأمر لا ينطبق على الشعراء وحدهم من دون اعتذار إلى الأمة عما سرق. ومن الطريف في الأمر أن أحد نوابنا الأفاضل وجه سؤالا في إحدى جلسات المجلس النيابي: "هل رأيتم مسئولا بحرينيا استقال؟" "..." والجواب كلا يا سعادة النائب! لم نر ولا نرى وربما لن نرى ذلك في العهد القريب، وخصوصا إذا استمرت معادلة مكافأة المسيء وآكل المال العام، فتقريران متميزان صدرا عن ديوان الرقابة المالية، وكشفا عن رائحة فساد نتة، وعلى رغم ذلك لم نسمع أن مسيئا سئل أو سارق حوسب. أناس سرقوا حتى شبعوا، وفي ظل الحديث عن ضرورة تكريس ثقافة المساءلة، يخشى أن يجرجر الصغار إلى بوابات المحاكم، ليشكلوا قرابين لسرقات الآخرين! فحذاري من أن تقطع أيدي الصغار، ويجب علينا أن نرفض جعل الفقراء قرابين لجرائم لم تقترفها أيديهم!
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ