سينعقد المؤتمر الثاني لحوار "أمن الخليج" في المنامة يومي الجمعة والسبت المقبلين، ويشرف على المؤتمر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الذي يتخذ من لندن مقرا له. وفي العام الماضي، حضر المسئولون عن الأمن والاستخبارات في دول مجلس التعاون بالإضافة إلى العراق وإيران والدول الكبرى "أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وأستراليا" وغيرها. المسئولون الأمنيون اجتمعوا بصورة سرية العام الماضي في اجتماعات عدة. وبما أن هذه الاجتماعات طوعية فإن ما يتم إنجازه من خلالها يفوق كثيرا ما يتم إنجازه من خلال الاجتماعات الرسمية. وفي العام الماضي، كان الحديث يدور في أروقة المؤتمر فيما اذا كانت هناك حاجة إلى الاجتماع سنويا في البحرين، على غرار المؤتمر الذي ينظمه المعهد نفسه في شرق آسيا ويجمع فيه مسئولي الأمن في تلك الدول مع المسئولين الأمنيين في الدول الكبرى. وفي العام الماضي، كان الوفد الإيراني نشطا جدا، كما كان الوفد السعودي والوفود الأخرى التي تبادلت الآراء فيما بينها بشأن موضوعات عدة، على رأسها مكافحة الإرهاب، وتأطير علاقات الدول ضمن منظومة مقبولة للأطراف المعنية بتحقيق الأمن في هذه المنطقة الحساسة. البحرين اذا ستحتضن مؤتمرا كبيرا بعد أن نجحت في احتضان "منتدى المستقبل" الشهر الجاري. ربما يكون المؤتمران مختلفين من ناحية الحضور والجهة المنظمة وطبيعة البروتوكولات المتبعة، ولكن المحاور ربما ستكون هي ذاتها المطروقة في اللقاءات العلنية. فمن دون شك، أن موضوع الأمن في الخليج يحتاج إلى تعاون جميع الاطراف، ولكن هذا التعاون يجب أن يتأسس على مفاهيم وتعريفات مشتركة، فبالنسبة إلى منطقة الخليج، فإن الحديث عن أمنها لم يتغير لسنوات طويلة، وقد أثبتت إجراءات الأمن المعتمدة على القوة فشلها في تحقيق أي أمن للحكام وللمجتمعات وللأطراف الدولية. فالأمن يقوم على أسس متداخلة ولا يقتصر فقط على تطوير السبل لرصد "التحركات الإرهابية"، وإنما يشمل تأسيس ثقافة مدنية تؤمن بالعيش السلمي المشترك من دون الاضرار بالمصالح المشروعة للأطراف المعنية. على أن المصالح المشروعة بحد ذاتها تحتاج إلى تفصيل واتفاق، فالتجربة العراقية أثبتت أن الأمن والارهاب لهما "حاضنة" اجتماعية، وهذه الحاضنة الاجتماعية تتوجه لاحتضان قوى السلم اذا كانت البنية السياسية تتجه نحو ترجمة إرادة المجتمع على الساحة السياسية والاقتصادية. وهذه الحاضنة الاجتماعية تتجه لمساندة قوى التطرف والإرهاب إذا شعرت بأن دورها المشروع في المشاركة في الشأن العام قد تم تغييبه أو اجهاضه. وفي الوقت الذي نؤكد أنه لا يوجد أي تبرير للإرهاب بشتى صنوفه، فإنه من الواجب تأكيد أن جذور التطرف لا يمكن اقتلاعها عبر التطور التقني أو التنسيق الأمني لوحده، وإنما عبر نشر ثقافة تؤكد دور الأمة في تقرير مصيرها على أسس التعايش السلمي ورعاية المصالح المشروعة للجميع من دون إجحاف.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ