العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ

العالم والفيلسوف

يبدأ العالم أبحاثه دائما من حيث انتهى العلماء السابقون، وعندما ينتهي هو يبدأ العلماء اللاحقون. وعلى هذا النحو يتطور العلم ويتقدم، ويكون البحث متصلا. ومن أجل ذلك يجب على العالم أن يطلع على جميع البحوث العلمية التي تم إنجازها في مجال تخصصه، وعلى آخر ما وصل إليه العلماء، قبل أن يبدأ بحثه حتى لا يبدأ من نقطة بدأ منها غيره، وحتى لا ينتهي إلى ما انتهى إليه غيره، فلا يعمل على تقدم العلم. وبذلك يختلف العالم عن الفيلسوف، فالعالم لا يهدم كل ما توصل إليه غيره ليبدأ هو من لا شيء أو من فراغ، بل يعمل على تطوير ما وصل إليه غيره، أو على إكمال ما عجز غيره عن إكماله. أما الفيلسوف فهو ينتقد كل من سبقه من فلاسفة، فيهدم فلسفاتهم ليبدأ فلسفته التي ينتقدها ويهدمها اللاحقون ليقيموا فلسفاتهم التي تختلف عن فلسفات غيرهم. وكأن الفلاسفة يفضلون العيش في "قصور" يقيمونها بأنفسهم، ولا يرغبون في أن يعيشوا كالعلماء في عمارات يسهمون في ازدياد علوها وتعدد طوابقها. إن الجنس البشري واجه - وسيبقى يواجه - مشكلات متعددة تكدر صفو عيشه، وتدفعه إلى السعي لتطوير قدراته، وزيادة فاعليته في استغلال أشياء الكون وظاهراته وحوادثه. وقد تعددت وسائل حصول الإنسان على المعرفة؛ إلا أن الأسلوب العلمي بما يتضمنه من بحث واستقصاء وفق خطة منظمة أصبحت الوسيلة الأساسية التي يعول عليها الإنسان في حل مشكلاته القائمة، ومواجهة التحديات المتجددة، وتتضاعف بالتالي حاجة المسئولين إلى الاعتماد على نتائج البحث العلمي أساسا لاتخاذ قراراتهم في مختلف أوجه النشاط الإنساني ومجالاته.

سعود المناعي

العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً