العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ

ندوة "الشيخ ميثم" تؤكد استفادة العلماء من تحقيقاته

طور علاقته بالمحيط الخارجي وفق الضوابط الإسلامية

المنامة-جعفر الديري 

تحديث: 12 مايو 2017

أشاد المشاركون في اليوم الختامي من ندوة "الشيخ ميثم البحراني وحياته العلمية" بالمكانة التي يحظى بها الشيخ ميثم البحراني الذي كانت مؤلفاته محط اهتمام الباحثين والمؤلفين والدارسين، مؤكدين أن تلك المكانة العلمية ما كان لها أن تبرز لولا انتماء الشيخ ميثم إلى أرض وصفت بالعلم والتسامح والانفتاح. وكانت ندوة "الشيخ ميثم البحراني وحياته العلمية" اختتمت فعالياتها مساء أمس الثلثاء في قاعة البحرين للمؤتمرات بفندق كراون بلازا، بمشاركة مجموعة من العلماء وأهل الاختصاص. وقد تناول القاضي الشيخ حميد المبارك في ورقته دور الشيخ ميثم البحراني في الحركة العلمية وذلك من خلال تركيزه على نقطتين. وشرح هاتين النقطتين بقوله: "إن إثراء المكتبة الإسلامية بالمؤلفات المتنوعة من علم كلام وفلسفة وعلوم أدبية وغيرها كان ما يميز الشيخ ميثم، وهو الأمر الذي أدى إلى ثراء هذا الجانب المهم ومحاولة سد الفراغ في هذا الجانب المهم من المكتبة الإسلامية، ومحاولة معالجة النظريات الكلامية والفلسفية والعرفانية العالقة". فقد كانت مؤلفات الشيخ ميثم البحراني محط اهتمام الباحثين والمؤلفين والدارسين، فلقد كان كتابه "القواعد في علم الكلام" يدرس في المحافل والمدارس والحوزات العلمية، فلقد درس هذا الكتاب الشهيد العاملي وهو من أجلاء علماء الإمامية، ما يدل على أهمية هذا الكتاب ومقدار العلم الغزير الذي انطوى عليه، وأهميته العلمية بحيث يصبح كتابا دراسيا ومتداولا في المدارس والحوزات العلمية. والنقطة الثانية استفادة الفقهاء والعلماء من تحقيقاته، إذ إن جانبا آخر من جوانب دعم الشيخ ميثم البحراني للحركة العلمية هو استفادة العلماء والحكماء والفلاسفة من تحقيقاته الكثيرة التي أودعوها في كتبهم وأشاروا إليها ونسبوها إليه، ما يبين مدى الشأن العلمي لهذه الشخصية.

معاملة أخوية

فيما تناول المفكر الإيراني محمد أصفيائي في ورقته مملكة البحرين بوصفها مناخا ملائما لظهور العلم والعلماء. وقال أصفيائي: "إن البحرين هي البلد القريب من الجزيرة العربية الذي كانت له حضارة وثقافة قبل الإسلام، ولم يكن فيما حوله شيء من الحضارة، بل من المدنية شيء يذكر. ثم ان أهل البحرين اعتنقوا الإسلام، طائعين غير مكرهين في عهد الرسول "ص" فكانوا مهتمين بقضية الإسلام، أكثر من اهتمام غيرهم. كما كان للبحرين دور في المعاملة الأخوية والودية بين أصحاب الآراء المختلفة وتقبل وجهات النظر المختلفة، وعلى هذا تطور العلم في البحرين واتسع نطاقه بين طلابه، حتى كانت الحوزات العلمية في البحرين تحوي جل ما تحتويه سائر الحوزات خارج البحرين. ولعل الدارس لتاريخ البحرين يفطن إلى أنها تتشكل من بحر ماء وبحر علم، وكما أنها تعيش من البحر فإنها تتغذى من بحر العلم أيضا. وقد أتاح ذلك للبحرينيين أن يؤدوا واجباتهم الإسلامية والقومية في بناء المجتمع الإسلامي والحضاري، وفي مقدمتهم العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني".

الفقيه الفيلسوف

وقالت الباحثة الإيرانية زهراء مصباح في ورقتها: "إن البحرين تعتبر منذ القدم أحد مراكز علماء الإمامية وفقه أهل البيت "ع"، والذين تناولوا سيرة الشيخ ميثم يشيرون إلى مكانته وموقعه في الفكر الشيعي، وما نعتوه من صفات يعكس مدى عظمة هذه المكانة التي لم يبلغها من العلماء إلا النزر اليسير. وتضمنت هذه الأوصاف مضامين تعكس المكامن العلمية في شخصية الشيخ. ومن أبرزها: الفقه، الفلسفة، علم الكلام، التصوف، والأدب. وهنا نستطيع القول إن الشيخ كان ضمن تأطره بإطاره المذهبي الفقهي ملما بالعلوم الإسلامية المعروفة آنذاك والتي تحمل في طياتها شيئا من التجدد والحداثة. ولقد ترك الأساتذة الذين تتلمذ الشيخ على أيديهم أثرا كبيرا في توسيع أفكاره وتطلعاته، كما أنه لم يكن يدخر جهدا في اكتساب العلم والمعرفة من خلال مطالعاته ومتابعاته، فالمطالعة وسيلة مهمة في تثقيف الإنسان وارتقاء علمه وهي لا تقل أهمية عما يكتسب التلميذ من أستاذه إن لم تكن بالمستوى نفسه".

تأثيرات المحيط

تأثيرات المحيط الداخلي والإقليمي على الشيخ ميثم البحراني، كانت الورقة التي قدمها الشيخ ماجد الماجد، إذ قال: "لقد ظهرت تأثيرات المحيط الداخلي والإقليمي على الشيخ ميثم البحراني في تطور العلاقة مع المحيط العام الخارجي وفق الضوابط الإسلامية، مع ملاحظة منهج الشيخ القريب إلى النظرية والخلوة، بما يضفي عليه الانعزال وخبرة الزمان وأهله، وكما ينقل عنه ذلك في قصة "كل يا كمي" التي تنم عن عقلية فذة في قراءة الواقع الديني والاجتماعي وتأثر العقلية الدينية والاجتماعية بأمور دنيوية في عملية التقييم للكفاءة والمستوى، ومع ذلك نرى الشيخ ميثم يدير معادلته بتفاؤل وحكمة ولم يمنعه معرفته بالواقع المتغير من علاقات سياسية وعلمية وترحال ولقاءات يمارس منهجية منفتحة مع كثرة المعوقات لهذا النوع من الأفذاذ، ومارس دوره من خلال موقعه العلمي. وأيضا ظهرت تلك التأثيرات في عقليته المتفاعلة مع المتغيرات والأوضاع السياسية، ويظهر ذلك جليا في تناوله لموضوع الاجتماع من ناحية مدنية وسياسية، مع ملاحظة استخدام المصطلحات والمدلولات للتعبير عن رؤيته بمفاهيم تناسب المنهج العلمي للشيخ وهو منهج الكلام والفلسفة للتعبير عن نظرياته في مفهوم المعرفة الحسية والحكمة العلمية".

امتيازه بالذكاء

وتحدث المفكر الإيراني حسن أمينيان عن بعض مزايا الشيخ ميثم، قائلا: "لقد امتاز الشيخ ميثم بالذكاء، وهي صفة العالم الموفق في علمه. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال دراسة كتبه وموضوعاتها وسردها. فقد كان قويا ولبقا في أموره ونشطا فعالا لا يكل عن العمل الدؤوب، حتى انه كان لا يلهو في مجالسه بغير أهدافه العلمية التي رسمها لنفسه. وقد عرفه طلبة العلم إبان دراسته بالعزلة والانصراف إلى العلم، جاعلا من الكتاب صاحبه ومشتغلا بتحقيق حقائق الفروع والأصول وحسن التحبير والتعبير. كما امتاز باللباقة وهو عدم تمركزه في مكان واحد كمسقط رأسه البحرين. فقد كان يسافر سفرات علمية لزيارة المراكز العلمية المختلفة ولاسيما إلى العراق، ويلتقي بمن لمعت مكانتهم في الأوساط العلمية العراقية وعقد الحوارات والنقاشات العلمية والمباحثات والمساجلات المختلفة. وبطبيعة الحال، كان وفوده إلى النجف الأشرف والحلة التي تعتبر من المراكز العلمية المهمة آنذاك والتي يذكرها تاريخ الدراسات الدينية بأنها ضمت قرابة أربعمئة مجتهد - كما تروي المصادر - في زمن المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن".

نص الإمامة

بينما اختار الشيخ مجيد العصفور تناول نص الإمامة الذي تناوله الشيخ ميثم البحراني، مدللا به على أهمية النظرة التي يتمتع بها الشيخ ميثم البحراني. وقال العصفور: "إن الشيخ ميثم يعد من كبار متكلمي الشيعة الاثني عشرية، ويعبر رأيه عن رأيهم في مسألة الإمامة، مع ما هنالك من اختلاف في رأيه العقلي في المسألة إذ لم يعتبر اللطف دليلا عقليا راجحا واستعاض عنه بدليلي الخير والتمكين. وإن لقراءة نص الإمامة قيمة علمية خاصة بالنسبة إلى الفكر السياسي عند الشيعة الاثني عشرية، ولاسيما ما يتصل بوجوداتهم السياسية الحديثة، إذ إن الممارسة الفعلية هي انعكاس لنظرية الامامة وامتداداتها "أعني بها المرجعية الدينية الشيعية" وإن لم يتعرض الشيخ ميثم في بحثه لما بعد الإمام الثاني عشر "ع"، لكن القراءة الدقيقة للفاعلية السياسية عند الشيعة في وقتنا الحاضر بحاجة إلى فهم نظرية الإمامة ويمكن من خلال هذه القراءة تفسير المواقف التي يتخذها الشيعة في مختلف الظروف السياسية، وكذلك تفاعلهم أو انسحابهم من الحياة العامة هنا وهناك. كما يلمس الباحث في قراءته للنص المعروض منتهى الموضوعية عند الشيخ ميثم، إذ إنه بعد أن يطرح رأيه يذكر رأي الآخرين واعتراضاتهم عليه، بل إنه يطرح الإشكال العلمي على رأيه نفسه، ثم يناقش هذا الإشكال مستفيدا من العلوم كافة ليخلص إلى تأكيد الرأي الذي ذهب إليه"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً