على رغم أن الدستور البحريني يمنع استغلال المال العام من أجل الصالح الخاص فإنه وللأسف أن مثل هذه المادة الدستورية هي على أرض الواقع بعيدة عن التطبيق الفعلي، بل وربما قد تبقى بعيدة عن التطبيق لفترة طويلة ما لم تتخذ إجراءات حاسمة وحقيقية لمنع تداخل الأعمال الخاصة للمسئولين مع ما يقومون به من مهمات رسمية خصوصا أن البحرين أعلنت استعدادها للدخول في مختلف المبادرات الاصلاحية التي تتطلب السير قدما نحو الشفافية ومكافحة الفساد وتطوير الحكم الصالح. وحاليا أصبحت الإشارة إلى هذا المسئول أو ذاك حديثا شعبيا تعريه الحقائق التي تكشف رائحة الفساد... ولكن وعلى رغم ذلك فإنه لم يصل إلى مستوى يؤثر في واقع الحال المعمول به، مع أن "ديوان الرقابة المالية" حاول في خلال تقريره التطرق إلى مظاهر وممارسات غير سليمة هنا وهناك. ولحد الآن لا توجد أية إجراءات تصحيحية كبيرة قد تحققت بعد إصدار تقرير الرقابة العام الماضي وأيضا بعد إصداره للمرة الثانية هذا العام. وحتى عندما وصلت العام الماضي احدى القضايا إلى النيابة العامة جمدت هناك، وستجمد اية قضية أخرى قد تصل مستقبلا الى النيابة أو الى القضاء.. الحديث عن هذا النوع من الأمور يزداد داخل مجتمعنا البحريني الصغير الذي لا تخفى عنه الممارسات الخاطئة وروائح الفساد طويلا وخصوصا عندما يعلم الجميع مثلا كيف كان أحد الوزراء السابقين يقوم بخدمة مصالحه وشركاته على حساب الآخرين، بينما كان من المفترض منه أن يبتعد عن ممارسات غير سليمة وغير دستورية وغير قانونية وبعيدة عن شرف المهنة. ان مجلس النواب لم يمارس دوره الرقابي كما يجب ولم يستفد حتى من تقرير الرقابة المالية على رغم توافر المعلومات الكافية للضغط باتجاه المزيد من المعلومات والدعوة إلى تصحيح الأوضاع. وليس من اللائق بالبحرين التي تفتخر على الدوام بأنها دخلت عهد الإصلاح أن يبقى وضعها جامدا وخائفا ومترددا بشأن الوقوف أمام ممارسات تسلب المال العام لصالح فئة انتهازية وصولية صغيرة تمتص كل الثروات لتحرم بذلك بلادنا منها.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1180 - الإثنين 28 نوفمبر 2005م الموافق 26 شوال 1426هـ