العدد 1180 - الإثنين 28 نوفمبر 2005م الموافق 26 شوال 1426هـ

ندوة "الشيخ ميثم" تؤكد ضرورة التواصل الثقافي والحضاري

المنامة-جعفر الديري 

تحديث: 12 مايو 2017

اتفق المشاركون في ندوة "الشيخ ميثم البحراني وحياته العلمية" على أهمية الاحتفال بسيرة الشيخ ميثم البحراني، مؤكدين ضرورة التواصل الثقافي والحضاري مع العالم أجمع بدعم مسيرة التقريب بين المذاهب ونبذ بوادر الخلاف والفرقة والعمل الجاد لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف. وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة افتتح بمشاركة رئيس رابطة الثقافة بالجمهورية الاسلامية الإيرانية الشيخ محمود محمدي عراقي، ومشاركة أكثر من عشرين باحثا ومفكرا إسلاميا من البحرين، إيران، ولبنان ودول عربية وإسلامية أعمال الندوة صباح أمس "الاثنين" في قاعة المؤتمرات بفندق كراون بلازا.


مثل نموذجا يتخطى الحدود المكانية والزمانية

ندوة "الشيخ ميثم" تدعو إلى التفاعل الحضاري بين الثقافتين العربية والفارسية

المنامة-جعفر الديري

دعا المشاركون في ندوة "الشيخ ميثم البحراني وحياته العلمية" إلى أهمية عودة الثقافتين العربية والفارسية الى تفاعلهما الحضاري العالمي كما في العصور الذهبية لحضارتهما الاسلامية الجامعة. مشيرين الى أن "الاحتفال بالشيخ ميثم يأتي ليؤكد ضرورة التواصل الثقافي والحضاري مع العالم أجمع بدعم مسيرة التقريب بين المذاهب ونبذ بوادر الخلاف والفرقة والعمل الجاد لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف". وافتتح الندوة في يومها الأول صباح أمس الاثنين 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بقاعة المؤتمرات بفندق كراون بلازا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الشئون الاسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بمشاركة رئيس رابطة الثقافة بالجمهورية الاسلامية الايرانية الشيخ محمود محمدي عراقي، مستشار جلالة الملك المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري، الشيخ دين برور، المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية الايرانية السابق محمد خاتمي صباح زنكية، والشيخ محمد طاهر المدني نيابة عن وزير العدل محمدعلي الستري. أشار وزير الشئون الاسلامية في افتتاحه الندوة الى أهميتها كحلقة من حلقات التواصل الثقافي بين مملكة البحرين والجمهورية الاسلامية الايرانية وتفعيلا لما بينهما من اتفاقات تعاون وعمل مشترك. إذ أبرمت وزارة الشئون الاسلامية بمملكة البحرين اتفاق تعاون مع رابطة الثقافة الايرانية وهذه الندوة واحدة من حلقات تفعيل بنود ذلك الاتفاق. وأوضح الوزير: "اننا اليوم إذ نحيي آثار هذا العالم الجليل لنؤكد ضرورة التواصل الثقافي والحضاري مع العالم أجمع". مؤكدا أهمية دور العلماء والباحثين والدعاة في حمل هذه الراية خدمة لديننا ومجتمعنا الحنيف. "فمن دواعي السرور أن نرى مسيرة التقريب واقعا ملموسا نجني ثماره اليانعة بعد عقود طويلة من العمل الدؤوب. وما أروع من أن نرى علماء الطائفتين يجتمعون في هذه الندوة للاحتفاء بأحد الرموز العلمية وأحد الشخصيات الفكرية ممن أنجبتهم أرض البحرين فخرا واعتزازا بعطائهم العلمي والثقافي والفكري". ثم أشار الى بعض من ملامح الأثر الطيب الذي تركه الشيخ ميثم على الساحة الفكرية البحرينية بقوله: "لقد كان الشيخ ميثم عالما بالأدب والفقه وعلم الكلام وكان من فقهاء الامامية في البحرين. وقد زار العراق والتقى بعلمائها وناظرهم وترجم له الكثير من المؤرخين وذكروا تلاميذه ومؤلفاته المخطوطة والمطبوعة والتي من أهمها شرح نهج البلاغة الذي طبع في طهران في خمسة أجزاء كلها في مجلد ضخم. ومن خلال ملاحظتنا لما كتبه المترجمون له نرى أن علاقات قوية نشأت له في بغداد مع علمائها والسلطة الرسمية فيها، ويوضح ذلك صلته العلمية بالعالمين العملاقين: الشيخ أبي السعادات أسعد الأصفهاني، والشيخ نصير الدين الطوسي، واللذين كان لهما وجودهما الشاخص في الساحة العلمية الاسلامية. اذ توسعت العلاقة الى الاتصال بالسلطة الرسمية المتمثلة بذلك التاريخ بعطاء الملك علاء الدين بن بهاء الدين وزير هولاكو خان، وابنيه بهاء الدين محمد الجويني وشقيقه اللذين أهدى لهما عالمنا كتابه شرح نهج البلاغة".

تعاون محمود

بينما أشاد مستشار جلالة الملك المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري في هذه المناسبة بتعاون مؤسسة الثقافة والعلاقات الاسلامية بالجمهورية الايرانية مع المجلس الأعلى للشئون الاسلامية بمملكة البحرين لاحياء هذه المناسبة التي تتقارب مع الذكرى المئوية السابعة لرحيل الشيخ ميثم البحراني. مشيرا الى أن التقارب الجغرافي بين الثقافتين الايرانية والعربية لم يولد بعد ذلك التعاون المنتظر الذي لن يكون الا ببناء المزيد من جسور الثقة اللازمة بين الطرفين. وتحدث الأنصاري عن عدة مستويات يمكن من خلالها أن نقارب مكانة الشيخ ميثم حين ذكر: "ان الشيخ ميثم البحراني يحتل مكانته الثقافية المرموقة أولا ضمن التراث الثقافي الوطني لمملكة البحرين، وعبر السلسلة الذهبية الحضارية من طرفة بن العبد الى ابن المقرب العيوني الى أبوالبحر جعفر الخطي الى الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة الى عبدالله الزايد وعبدالرحمن المعاودة الى ابراهيم العريض وأحمد محمد آل خليفة الى حملة القلم من رجالات البحرين المعاصرة. أما المستوى الثاني الذي يمكن من خلاله أن نقارب مكانة الشيخ ميثم فكونه أحد أعلام علم الكلام الاسلامي الذين بحثوا في قضايا العقيدة الاسلامية ودافعوا عنها حيال الفلاسفة والمخالفين الفكريين بالحجة والمنطق والمنهج السمح من واقع ايمانهم الاسلامي العميق من دون غلو أو تشدد، وذلك من خلال شرحه الدقيق والمتميز لنهج البلاغة. وهذا هو موضع إبداعه ومكانته في تاريخ الثقافة الاسلامية التي يجتمع حولها المسلمون كافة". وعلى صعيد التاريخ يوضح الأنصاري: اني اجد في المختصر الذي كتبه العلامة سليمان بن عبدالله، وهو من علماء البحرين كذلك، في كتابه الموسوم "السلافة البهية في الترجمة الميثمية"، ما يلخص بتركيز علمي المكانة العلمية المتميزة للشيخ ميثم اذ كتب صاحب السلافة يقول: "هو الفيلسوف المحقق، غواص بحر المعارف، ضم الى الاحاطة بالعلوم الحقيقية "قصد علوم الشرع"، الأسرار العرفانية "أي المعرفة الصوفية". ويكفيك على جلالة شأنه اتفاق كلمة الأمصار على تسميته بالعالم الرباني وشهادتهم له بأنه لم يوجد مثله في تحقيق الحقائق وتنقيح المعاني. والحكيم الفيلسوف محمد الطوسي شهد له بالتبحر في الحكمة والكلام". وهذا كلام مؤرخ قديم عن فيلسوف البحرين ومتكلمها الشيخ ميثم، وهو لا يحتاج الى شرح وتعليق. وبالاضافة الى ما ذكره عنه ذلك المؤرخ وردت سيرته في كتب العلامة المحدث المجلسي، وابن أبي جمهور الاحسائي، والشيخ فخر الدين الطريحي في كتابه "مجمع البحرين".

مكتبة خاصة

رئيس رابطة الثقافة بالجمهورية الاسلامية الايرانية الشيخ محمود محمدي عراقي دعا الى توسعة مرقد الشيخ ميثم البحراني والى تكوين مكتبة خاصة به تضم نتاجاته، تساهم رابطة الثقافة بالجمهورية الاسلامية الايرانية برفدها. وخصوصا أنها ستكون في البحرين التي لها ومنذ القدم مكانة مرموقة ومعروفة على المستوى الاداري للدولة الاسلامية أو على مستوى الدراسات الدينية والحوزات العلمية وكذا للباحثين عن العلم والمعرفة اذ كانت تقصد من جميع الأصقاع غربا وشرقا لدرجة أن عبر عنها الكثير من الباحثين أنها "مأوى لكل من أراد العلم والأمان". ويضيف عراقي: "لقد كان العلماء المهاجرون يقصدون البحرين خوفا من جور السلاطين الطغاة ما جعلها مركزا يتجمع فيه العلماء الجهابذة من أهل العلم والعلوم الأمر الذي أدى الى اثراء الحركة العلمية في الفقه وأصوله والفلسفة والآداب ومختلف صنوف المعرفة والعلوم ولاتزال شواهد قبور هؤلاء العظماء وأضرحتهم شاهدا من الشواهد الشاخصة على احتواء هذه الأرض الطيبة وجمعها لعظماء العلم وأساطينه". في الوقت الذي كانت فيه الظروف التي عاصرت الشيخ ميثم البحراني ظروف صعبة جدا للغاية لكنها لم تستطع إثناءه أو تقطع من آماله ومشروعاته. فقد عاش الشيخ ميثم حياة فيها المسائل الكثيرة التي تصدى لها في غير موقعها لما فيه من الضرر والحرمان لطبقات من الناس وعلى رأسهم أتباع مدرسة أهل البيت "ع". ومستدركا قال عراقي: "لقد امتاز الشيخ البحراني ميثم باسلوب علمي رائع، كما امتاز بأخلاقه العالية ومشاركاته العلمية في زياراته لمراكز العلم في النجف الأشرف وغيرها من المدن العلمية المشهورة، وعقد جلسات نقاش وعلم مع الكثير من العلماء والفضلاء، حتى قال فيه الكثير من العلماء تعريفا ومدحا بمنزلته العلمية، وكتب عنه البعض الآخر. كما عرف عنه انه كان لاذع النقد ولا يسكت عن قضية تحتاج الى تعليق أو بيان رأي بل يقول ما يجب أن يقال فيها".

استكشاف الماضي

في جلسة العمل الثانية أوضح المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية الايرانية السابق محمد خاتمي صباح زنكية أن مناسبة احياء ذكرى عالم موسوعي رحالة بعلمه، مستوعب لشئون دينه وعصره كالعلامة ميثم تمثل حلقة مهمة لاستكشاف الماضي بروح متفحصة مدققة، وبنظرة تربط مراحل التاريخ، وتستكن الثابت والمتغير، وتستخرج المعايير الحية للتعامل مع الحاضر والمستقبل. وأضاف: "ان عصرا كالعصر الذي عاشه العلامة ميثم البحراني وقد حفل بمختلف الظروف والمؤثرات السياسية والفكرية وعبورها الحدود الجغرافية، وبعمق تناولها للموضوعات العلمية وابداعها في شتى العلوم وبتجربتها الوجدانية المتفاعلة، لتعتبر شاخصا ملائما لاستيعاب تلك المرحلة التاريخية، والانطلاق منها الى الحاضر والمستقبل". إذ يمثل الشيخ ميثم بن علي البحراني، نموذجا للعالم الذي يتخطى الحدود المكانية، ويعبر الحدود الزمنية أيضا، علاوة على كونه شخصية انسيكوبيدية، تبدع في جميع الشئون التي تتعامل معها. فبدراسة متمعنة للظروف التاريخية، والفكرية التي عاصرها الشيخ ميثم البحراني، وطرح اختصاصاته العلمية البارزة فسنجد أنه ساهم في تأسيس تيارات فكرية وعلمية، تجاوزت الكم المتراكم من التركة الفكرية التي عاصرها، وجاءت بأرضية ساعدت على بناء مدارس أنارت القرون اللاحقة. واستدرك زنكية قائلا: "ان ما





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً