في الأول من مايو/أيار من العام 2005، جاء الحديث الثاني من سلسلة مقالات «أحاديث في الوعي الوطني» لجلالة العاهل حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، تحت عنوان :»عمالنا...طلائع المجتمع المدني»... جاء موسوما بتقدير دور عمال البحرين كقوة حية وفاعلة من قوى المجتمع المدني، وجاء في نص مقال جلالته: «لذلك ارتأيت أن يكون الأول من مايو عطلة رسمية في البحرين تقديرا لعمالها فهم طلائع التحديث الصناعي والمدني في تاريخنا- ليس في البحرين وحدها - وإنما بمشاركتهم الأشقاء في بلدان الخليج الأخرى، وذلك منذ اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الشقيقة، وإسهامهم في بناء خط التابلاين لتصدير النفط إلي ساحل البحر المتوسط».(انتهى الاقتباس).
إذا، عمال البحرين، كانوا ولا يزالون ركنا مهما ومؤسسا لطلائع التحديث الصناعي والمدني، وهم بذلك، وخصوصا في هذه المرحلة التي تشهد فيها الكثير من قطاعات العمل انتهاكات مستمرة لحقوق العمال والموظفين تصل بعض الممارسات المخالفة للقانون فيها إلى التنكيل بهم وفقا لأمزجة هذا المسئول أو ذاك، وتضع الكثيرين منهم في حال من القلق الدائم على لقمة عيشهم وعيش عيالهم، والأوجب هنا، إعادة الدعوات المتكررة إلى الحكومة لمساندة جهود الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، ودعم العمل النقابي لأنه يهدف أولا وأخيرا إلى تحقيق مصلحة عامة تشترك فيها الدولة وأصحاب الأعمال والعمال.
وكما قال جلالة الملك، فإن عمال البحرين قوة حية وفاعلة من قوى المجتمع، ولأنهم كذلك، نتساءل: «ما هي الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم أوضاع العمال والموظفين السيئة في كثير من القطاعات؟»، والإجابة تنحصر في عبارة واحدة هي: وجود نماذج من كبار المسئولين في قطاعات مختلفة، وخصوصا في القطاع الخاص، لا يريدون أن يفهموا بأن عمال البحرين قوة حية وفاعلة!
في ذات السياق، ونحن نتحدث عن دور عمال البحرين، لفتت اهتمامي صورة من مجموعة صور الباحث والمؤرخ حسين محمد حسين الجمري تعود إلى العام 1956 لمجموعة من العمال البحرينيين الذين شاركوا في أعمال التنقيب مع البعثة الدنماركية في موقع قلعة البحرين في قرية القلعة، ولعل أبرز ما تعنيه الصورة، هو أن للعمال إسهام ثقافي وتراثي وتاريخي لا يمكن أن نغفله.
ولهذا، كان للباحث العمالي عبدالله مطيويع جهدا في توثيق أدوار عمال البحرين في مراحل مختلفة ضمنها في كتابة: «صفحات من تاريخ الحركة العمالية البحرينية»، رصد فيها الصراعات التي خاضها العمال طيلة القرن الماضي، منذ الإضراب العمالي الشهير العام 1938، لتحسين ظروف عملهم، ومن أجل انتزاع حقهم في العمل النقابي، ثم التعريج على تجربة اتحاد العمل البحريني الذي كان لهيئة الاتحاد الوطني الفضل في إنشائه في العام 1954، إذ اعتبر قادتها أن حق العمال في تنظيم أنفسهم يشكل حجر الزاوية في تنظيم قوى المجتمع لتتمكن من توحيد جهودها لتحقيق المطالب السياسية العادلة.
والحال كذلك، لم يكن لعمال البحرين، طيلة العقود الماضية إلا هدف واحد وهو العمل من أجل مصلحة الوطن، وباعتبارهم قوة حية فاعلة، فإنهم يتطلعون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن تكافح معهم الحكومة كل أشكال انتهاك الحقوق الوظيفية من خلال إعادة صوغ تعاون الحكومة مع المظلة التي تظللهم وهي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.
كل عام وجميع العمال والموظفين البحرينيين، وغير البحرينيين، بخير
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2431 - السبت 02 مايو 2009م الموافق 07 جمادى الأولى 1430هـ