في عالم اليوم، عالم العولمة والسرعة الفائقة والمعلومات نجد أن حرص الشركات على متابعة المنافسة والمناخ الاقتصادي ضروري جدا. وتضمن هذه المتابعة التعديلات والتغييرات الهيكلية التي تعزز من مكانة الشركة في السوق. ولكن ما هو المقصود بالتغيير الهيكلي، وما مدى نجاح هذا التغيير في تثبيت مكانة المؤسسة؟ بينما عبارة التغيير الهيكلي توحي بالمبادرة لتخطيط دقيق لكل جوانب المؤسسة، توضح دراسة حديثة من مدرسة سعيد للأعمال بجامعة "أوكسفورد" بأن التغيير لا يمكن تحقيقه بنجاح إلا عندما توجد فلسفة سائدة في الشركة للتطوير الدائم وتقوية المهارات، وذلك لأن التغيير الهيكلي نفسه أصبح مستداما، وليس مشروعا منفردا. وتوضح الدراسة أن أربعين في المئة من التغييرات الهيكلية تفوق الموازنة المحددة لها وستين في المئة لا تنفذ في الوقت المطلوب. تستنج الدراسة سبع نقاط للتغيير الهيكلي الناجح والمستدام: أولا، الدعم من الإدارة العليا عمليا وسياسيا. ثانيا، التغيير المحكم. أي، الحرص على أن تكون كل مبادرة للتغيير الهيكلي ملتزمة مع الاستراتيجية الرئيسية. ثالثا، المشاركة الحقيقية للموظفين في التغيير وليس فقط إخبارهم به. رابعا، الاتصال الداخلي مع الموظفين والخارجي مع الزبائن وتوضيح مدى تأثير التغيير عليهم. خامسا، علم إدارة الموارد البشرية أن لها دورا كبيرا في نجاح التغيير لإنها مصدر المهارات والتدريب المطلوب لتنفيذ خطط التغيير. سادسا، إدارة المشروعات الفعالة، والتي لا تقيد المنفذين بل تتيح لهم فرصة لاستخدام مهاراتهم في التنفيذ. وسابعا، تكوين فريق عمل لذيه خبرات في مجال التغيير المطلوب. ولا يقتصر الأمر فقط على طلب مساعدة مستشاري التغيير، بل كما ذكرنا من قبل، يجب أن توجد مهارات منفذة للتغيير في الشركة نفسها. وكما في النقطة الخامسة، فإن إدارة الموارد البشرية ربما لديها أهم دور في تحقيق التغيير المطلوب. و تكمن هذه القدرة في احتضان، تأهيل وتدريب الموظفين. يذكر البروفسور ريتشارد ويتنكتون من جامعة أوكسفورد بأن بسبب سرعة الاقتصاد في زمننا هذا نرى أن للهياكل التنظيمية مدة صلاحية أقل بكثير مما كانت عليه في السابق. ويجب أن تتغير الشركات من تنظيمات جامدة، إلى تنظيمات ديناميكية لمواجهة هذه الحقيقة. ولا يمكن الحصول على تلك الديناميكية إلا بتعزيزها داخل المؤسسة عن طريق الموظفين وتدريبهم المستمر على التأقلم ومسايرة متطلبات العمل المتغيرة دوما. من جانب آخر، الغريب في الأمر هو عدد المؤسسات التي تأخذ مشروع التغيير الهيكلي كمشروع للإدارة العليا فقط، من دون الاكتراث بآراء شتى الدوائر والموظفين. ونرى قصر النظر هذا أيضا من قبل شركات الاستشارة التي تستشير بها الإدارة العليا لوضع خطط التغيير. وبما أن أكثر من 70 في المئة من أعمال الشركات قائمة على الإدارة الوسطى والموظفين الآخرين، فأي تغيير تنظيمي يوجب عليه الاستعانة بهم. وختاما، نرى أن أولا وأخيرا المؤسسة هي العاملين فيها، وما التغيير سوى القابلية على التأقلم مع متغيرات السوق. وبهذا يمكننا القول إن التغيير لا يكتسب من الخارج، إنما هو فلسفة بعد النظر الدائم الموجودة لدى الموظف، المدير ورئيس المؤسسة
العدد 1179 - الأحد 27 نوفمبر 2005م الموافق 25 شوال 1426هـ
good job