العدد 1179 - الأحد 27 نوفمبر 2005م الموافق 25 شوال 1426هـ

جوامع تشيد بالملايين محاطة بأحزمة من الفقر والعوز

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

ألا تعتقدون اننا أمة تفكر في الكم لا الكيف؟ ظواهر غريبة في مجتمعنا. .. يبنى مسجد بمليوني دينار تقريبا وبثريا تصل احيانا الى 20 الف دينار وقد لا تستخدم والقرية أو المدينة تعاني من الفقر والجوع؟ لماذا هذا الاسراف اليست هي صلاة؟ وهل الله يطلب منا أماكن للعبادة أم قصورا للدعاء والصلاة؟ انا لا أشير الى اماكن بعينها، لكني لحظت في اكثر من دولة ومنها البحرين ان المجتمع يسخر كل طاقاته لجمع التبرعات فيوصل الليالي بالايام في جمع الاموال ثم يبني مسجدا ضخما - مثلا - ربما يصبح اكبر من القرية التي هي الأخرى تكاد تنفجر من كثرة المساجد والجوامع. المساجد مهمة ولكن المراكز العلمية والاجتماعية والمبرات الخيرية للأيتام والمراكز الثقافية ايضا مهمة. أول آية نزلت "اقرأ" امر بالقراءة ولم يكن الفعل "اعبد" لان القراءة والمعرفة تقود الى العبادة الصحيحة وإلا تحولت الى عبادة "خوارج". جباه سود والعقل عقل حمار. فالعبد الخارجي ثور مربوط للصلاة وابن ملجم يجتهد في قتل الامام علي ابن ابي طالب "ع" ليلة القدر طمعا في الحصول على الثواب. المساجد منارات هدى والجوامع صروح للقداسة والعبادة ولكن المبالغة في شيء قد تؤدي الى امور عكسية. أعرف عوائل في بعض قرى ومدن البحرين ليس عندها طعام تأكله وفي شهر رمضان اكتشفت عائلة قريبة من منطقة عذاري ليس عندها طعام افطار والعائلة هي عبارة عن عوائل. 10 افراد في بيت مهدد بالسقوط. السؤال: لماذا لا يتم تأسيس مراكز تأهيل لهذه العوائل بدلا من صرف اموال طائلة على ثريات وجوامع ضخمة؟ احد الطلبة الجامعيين بعث لاحد اقربائه يشكو نقصان المال لاكمال دراسته وهو مخير بين الدفع واكمال الدراسة في فصلها الاخير وبين الرجوع للوطن خائبا! الا يستحق مثل هؤلاء الدعم. فلنقلل طباعة بعض البوسترات الترفية ونجمع اموالها في ابتعاث ابنائنا للجامعة أفضل الف مرة من هذا الهدر من الاموال. فلنستفد من اليهود في الدعم المالي في ابتعاث الفقراء منهم للجامعات الغربية. نحن أمة لن يتغير حالها إلا بالتعليم والاقتصاد. نعم التعليم والاقتصاد ثم التعليم والاقتصاد. كفاية مذابح كفاية محارق كفاية صراع على توافه. اليهود احرقهم هتلر فقادهم ذلك للعمل في التجارة والتعليم. نحن أمة كلما اضطهدنا الزمن رحنا نبني المساجد على رغم ان الله يركز فينا الكيف وليس الكم "فاستقم كما امرت"... "فقل اعملوا". وربط الكرامة بالمعرفة "اقرأ وربك الاكرم". ثريا ضخمة قد يصل سعرها الى 25 الف دينار تجلب لمسجد والقرى مليئة بالفقراء ومن يحتاجون الى إكمال دراستهم أو علاجهم في الخارج! هل هذا وعي؟ نحن نفتخر ببناء المساجد والجوامع لكن اعتقد أصبح هناك اكتفاء لدى بعض المناطق ويجب ان يتم استبدال ثقافة التجار فالإسلام يخدم ببناء الجوامع وأيضا بدعم الجامعيين الفقراء وببناء المراكز التعليمية والصحية. وكم شاب توفي لعدم توافر العلاج وكم شابة خسرت دراستها لعدم توافر الرسوم؟ هدر الآلاف من الأموال على بوسترات وأوراق ومشروعات كمية لا كيفية في اماكن تتكدس فيها بيوت للفقراء والمعوزين! في كل العالم حتى العربي توجد مراكز أهلية تعليمية وصحية أهلية ومكتبات ضخمة ومستشفيات أهلية ومشروعات اقتصادية أهلية الا نحن. العام الماضي التقيت المرجع الديني السيدفضل الله وكان للتو قد انتهى من بناء مكتبة ضخمة علمية مليئة بالكتب الانثروبولوجية والاسلامية وغيرها. السؤال: لماذا هم نعم ونحن لا؟ هل الله اعطاهم عقلا ونحن اعطانا خبلا؟ لقد جاء الوقت الذي تجب فيه إعادة تقييم مصروفاتنا وتبرعاتنا ومشروعاتنا. وأهلنا أولى من الغريب. أيها التجار ارحمونا... فبينكم مجتمعات تحتاج الى تأهيل واحياء ودعم في الاقتصاد والتعليم. إن هناك عوائل يأكلها الجوع والمرض اليست أولى بهذه المصروفات بدلا من الإمعان في التشكيلات والزخارف والبهارج؟ السيدموسى الصدر لم يبع الناس بالونات شعارات. قال للناس: قيموني بما قدمت لكم وبالأرقام. كم مصنع فتحت؟ كم مؤسسة قمت ببنائها؟ كم شاب أرسلته إلى الجامعة للدراسة؟ كم فقير احييت؟ كم مبرة للايتام اسستها؟ السيدالصدر قيس بحجم ما قدم للناس من منجزات ملموسة على الأرض انعكست على حياتهم لا بحجم الأكياس الهوائية. نريد بناء مجتمع المعرفة والحياة والاقتصاد. كل المجتمعات تطورت واهلت من مجتمعها الا نحن. مشروعات اقتصادية تفتح ونحن واقفون! آلاف من الطلبة في العالم يرسلون لكبار جامعات العالم لتهيئة كوادر للمستقبل ونحن مشغولون بانتقاء أضخم ثريا للمسجد العلاني أو اكبر همبرغر في العالم. مشغولون بثقافة "الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر". نحسب عدد الموتى ليقال إنا اكثر عددا من الحضور. موفقون وعقبال العالمية

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1179 - الأحد 27 نوفمبر 2005م الموافق 25 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً