منذ مطلع التسعينات كانت الجهات المعنية بالتعليم والتدريب والتطوير في البحرين تحاول طرح تخصصات جديدة تتناسب مع احتياج القطاعين الخاص والعام، وخصوصا بعد تكدس طلبات الخريجين الجامعيين اللذين وجدوا أنفسهم حائرين بشهاداتهم الجامعية التي لم يكن بوسعهم إلا بروزتها وتثبيتها على الجدار ليتذكر أصحابها أنهم دخلوا الجامعة يوما من الأيام وصالوا وجالوا بين أروقتها مدة خمس سنوات أو ما يزيد ولم يستطيعوا أن يأكلوا بها "عيشا"، ولم يكن عزاؤهم في ذلك إلا المقولات المأثورة التي تحث على العلم والتي منها "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" أو "اطلبوا العلم ولو في الصين". كان حينها من بين تلك التخصصات "المبتكرة" تخصص الخدمة الاجتماعية الذي ظن آلاف الطلبة أنه الدواء الناجع والعصا السحرية التي تقضي على بطالة ما بعد الجامعة التي أصبحت سمة للجامعيين الذين يتخرجون ويجلسون على أعتاب الوزارات والشركات سنوات يصل عددها إلى عدد السنوات التي كافح فيها الطالب الجامعي من أجل الحصول على الشهادة، لذلك أصبح خريجو وخريجات الثانوية العامة من الميسورين والمعسرين يتسابقون إلى دراسة تخصص الخدمة الاجتماعية أفواجا أفواجا على رغم غلاء البرنامج الذي كانت مادته الواحدة بـ 120 دينارا، فقاتل كثير من الآباء من أجل التحاق أبنائهم وبناتهم في هذا التخصص، ليفاجأوا بعد ذلك كله أن أبناءهم بلا عمل! لم تكن المشكلة مشكلة "تشبع" لأن الدفعة الأولى التي تخرجت من هذا البرنامج لا يزال بعضهم بلا عمل لمدة فاقت الثلاث سنوات، ينتظرون هاتف الوزارة التي أكدت أنها في صدد تنفيذ قرار بتعيين أختصاصي اجتماعي لكل 250 طالبا، وهذا ما دغدغ مشاعر المقبلين على الدراسة الجامعية وجعلهم يصرون على التسجيل في التخصص الذي يفترض انه عصارة تفكير أكبر مؤسسة تعليمية في المملكة! ثم بعد ذلك يصبح خريجو الخدمة خارج الخدمة، والمخططون الفاشلون هم المتنعمون في الخدمة!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1179 - الأحد 27 نوفمبر 2005م الموافق 25 شوال 1426هـ