بمناسبة مرور عشرة أعوام على اتفاق الشراكة الأوروتوسطية "عملية برشلونة"، تنعقد قمة مهمة في اسبانيا "في بالما دي مايورك" وسط مخاوف أوروبية من ان القمة قد "تفوت فرصة تاريخية على الدول العربية". النظرة المتشائمة ناتجة عن الاسلوب الاوروبي الذي كان قد ربط تطوير العلاقات التجارية بين دول الاتحاد الاوروبي والدول المطلة على البحر الابيض المتوسط بتحقيق "اصلاحات ملموسة". اتفاق الشراكة الاوروتوسطية يضم دول الاتحاد الاوروبي الـ 25 مع كل من الجزائر والمغرب وتونس ومصر والاردن و"اسرائيل" والسلطة الفلسطينية ولبنان وسورية وتركيا، بالاضافة إلى ليبيا كعضو مراقب. الاوروبيون تمكنوا خلال العشر سنوات الماضية من دفع عجلة الاصلاح الاقتصادي فقط، واقتنع قادة أوروبا باللغة التي استخدمتها الحكومات العربية المشاركة في "عملية برشلونة" من ان أي محاولة للضغط عليهم باتجاه الاصلاح السياسي سينتج عنها وصول الاسلاميين الى دوائر القرار. غير ان الأوروبيين غيروا رأيهم خلال الفترة الماضية، وقرروا الضغط باتجاه الاصلاح السياسي، وبدأوا يتحدثون عن ضرورة اشراك الاسلاميين المعتدلين في الشأن العام، وهو ما أغضب الحكومات العربية المطلة على البحر الابيض المتوسط والمشاركة في عملية برشلونة. بعض المصادر الاوروبية أشارت الى "صعوبة التوصل الى اتفاق حول مختلف الموضوعات المطروحة للنقاش والمشاركة شبه المعدومة لرؤساء دول وحكومات عربية" معتبرة ان "بعض هذه الدول بصدد تفويت فرصة تاريخية"، مستثنين من هذا البعض المغرب وتركيا وفلسطين التي "تتعاون بالكامل" في مقابل دول اخرى، مثل مصر وتونس، اللتين تقاومان "بشدة الضغوط الاوروبية من أجل تقديم تعهدات في مجال الحكم الصالح واقرار الديمقراطية واحترام حقوق الانسان". من المتوقع ان يصدر اليوم البيان الختامي للقمة الأوروتوسطية "عملية برشلونة"، ولكن الخلافات بين الجانبين العربي والأوروبي ستحد من طموح المنادين بضرورة تقديم المبادئ على المصالح، وتقديم سياسة نشر الديمقراطية مهما كانت العقبات التي يضعها الحكام. الزعماء الاوروبيون سيحاولون ربط المساعدات التي يقدمونها للدول العربية بالتحرك الجاد نحو دمقرطة الأنظمة العربية، وربما يعرضون دعما ماليا سخيا مقابل ذلك. فهناك مدرسة جديدة في أوروبا ترى ان تقديم الدعم المالي السخي لتشجيع الديمقراطية واشراك الاسلاميين أقل كلفة من تبعات الازمات التي تعصف بالمنطقة منذ عقود بسبب تغييب الارادة الشعبية عن دائرة القرار السياسي والاقتصادي. القمة تأتي بعد فترة وجيزة من انعقاد "منتدى المستقبل" في البحرين، وهناك فرق بين المبادرتين، لأن عملية برشلونة يقودها الاتحاد الاوروبي، بينما منتدى المستقبل تقوده مجموعة الدول الثماني. كما ان دول البحر الابيض المتوسط تحتاج اقتصاديا إلى أوروبا، بينما يختلف الامر في "منتدى المستقبل"، إذ إن أميركا والدول الأخرى تحتاج الى المنطقة الغنية بالنفط والتي تقع في قلب الخريطة السياسية للمبادرة المذكورة. على أي حال، فإن فشل "عملية برشلونة" في تحقيق تقدم ملموس نحو الديمقراطية ربما سيؤكد النهج الاميركي الذي يدعو الى "فرض" الأمر الواقع على بعض الحكام بدلا من التحاور بهدوء معهم.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1179 - الأحد 27 نوفمبر 2005م الموافق 25 شوال 1426هـ