العدد 1178 - السبت 26 نوفمبر 2005م الموافق 24 شوال 1426هـ

شتم الصحابة وشتم الشيعة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

من المستغرب أن يطرح موضوع "الشتم" في مطلع القرن الحادي والعشرين في البحرين التي تفتخر بأن لديها حرية في التعبير تحققت عبر نضالات الشرفاء من أبناء البحرين من مختلف الفئات الاجتماعية. ولكن واقع الحال هو أن هناك من العنصريين من تخصص في شتم "الشيعة" عبر الصحافة والمنابر، وهناك من الجهلة من يرد عليهم بأسلوب مماثل. ثم جاء مقترح من النائب جاسم السعيدي بإضافة مادة إلى قانون العقوبات لتجريم "سب الصحابة"، ولكن اللجنة التشريعية رفضت اقتراحه، وينتظر أن يطرح الموضوع مرة أخرى. من السهل على الطائفيين من أتباع المذهبين الشيعي والسني تصعيد الأمور بالطريقة التي يودون بها ذلك، وخصوصا مع انتشار وسائل الاتصال، وهذا يسيء لحرية التعبير. ثم ان إشغال الناس بقضايا الطائفية هو خير وسيلة للفاشلين في حياتهم، وهي وسيلة تتيح لهم الصعود على أكتاف الناس الذين يتأثرون سريعا باستثارة المشاعر المذهبية. لقد كان الإمام جعفر الصادق "سادس أئمة أهل البيت" حفيد الإمام علي "ع" من ناحية الأب، وحفيد أبي بكر الصديق "رض" من ناحية الأم، ولذلك لم يكن يسمح بشتم أي من أجداده، واعتبر الطعن في الخلفاء مخالفا للسنة. جعفر الصادق هو أيضا بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين. وتنقل النصوص التاريخية أن مجموعة من الناس ذهبوا إلى زين العابدين "ع" وتحدثوا بالسوء عن الخلفاء الراشدين أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، التفت إليهم وقال: "ألا تخبروني من أنتم؟"... وسألهم إن كانوا من المهاجرين أو الأنصار، وعندما أجابوه بالنفي، طردهم من منزله. الشتم بدأته دولة بني أمية عندما فرضت سب الإمام علي "ع" على منابر المسلمين. ثم كانت هناك ردود أفعال، من بينها ما قامت به الدولة الصفوية الإيرانية قبل نحو خمسة قرون عندما أسست لشتم الصحابة... وهذا ما دعا المفكر علي شريعتي إلى إدانة "التسنن الأموي والتشيع الصفوي". بعض العنصريين في زماننا سرقوا نصف مقولة شريعتي واستخدموها لشتم الشيعة كل يوم عبر الوسائل المتاحة لهم. وبعض الجهال من الشيعة مازالوا ربما يرددون بعض النصوص التي وردت في بعض الكتب التي تم إصدارها ضمن أجواء سياسية مشحونة استخدم فيها الدين وسيلة لتحقيق غايات دنيوية تتصل بالاستئثار بالحكم والنفوذ. إن من المتوقع أن يحاول بعض الأشخاص الاستفادة سياسيا من الأجواء الطائفية المتوترة في المنطقة بهدف الحصول على شهرة ونفوذ، وخصوصا أننا مقبلون على انتخابات بلدية ونيابية العام المقبل، وستلعب الانتماءات الطائفية الدور الرئيسي في تحديد من يصل إلى البلدية أو البرلمان. كما أن اشتداد المنافسة في سوق الصحافة من شأنه أن يدفع ببعض العنصريين إلى زيادة الشحن الطائفي للحصول على قراء، لأن مثل هؤلاء الأشخاص فارغون من أي محتوى إنساني يجتذب القراء نحوهم. إن المخلصين من أهل البحرين أثبتوا على مر السنين أنهم يجتمعون على الخير عندما يحاول البعض استغلال المشاعر المذهبية. ثم ان بناء الدولة الحديثة في البحرين - الذي بدأ في العشرينات من القرن الماضي - ارتبط بجهود المخلصين من كل فئات المجتمع، ولم يكن للطائفيين أي دور في تقدم البحرين، ولن يكون لهم أي موقع من الإعراب في الحاضر وهم إلى مصير بائس في المستقبل. البحرينيون ليسوا بحاجة إلى إضافة مادة قانونية لتجريم سب الصحابة، كما أننا لسنا بحاجة إلى أن نطرح مادة قانونية مضادة لتجريم سب الشيعة، فالذين يسبون إنما هم أناس طارئون وسيزولون عن الساحة العامة عاجلا أم آجلا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1178 - السبت 26 نوفمبر 2005م الموافق 24 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً