أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن العطية ان بلورة شراكة قوية وعملية بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي تبررها حقائق التاريخ والجغرافيا وقائمة الأهداف والمصالح، وسيدعمها التوقيع على اتفاق التجارة الحرة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي المتوقع مطلع العام المقبل. فيما دعا رئيس مجلس الشورى فيصل الموسوي إلى استحداث اتفاق تعاون بين مجلسي الشورى والنواب والبرلمان الأوروبي، وذلك من أجل تعزيز الحوار لإيجاد مزيد من التقارب بين الطرفين. جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الدولي للحوار بين مجلسي الشورى والنواب في مملكة البحرين ومجموعة الحزب الشعبي الأوروبي "الديمقراطيين المسيحيين والديمقراطيين الأوروبيين"، الذي أقيم صباح أمس في فندق "كروان بلازا" وتختتم فعالياته اليوم، وذلك بحضور العطية ورئيسي مجلسي الشورى والنواب الموسوي وخليفة الظهراني وأعضاء مجلسي الشورى والنواب. وأكد العطية أن التغيير والاصلاح يعتبران ضرورة ملحة، غير أنه شدد على ضرورة أن ينبع من الداخل وليس مفروضا من الخارج لضمان رفاهية المواطنين والاستجابة إلى تطلعاتهم نحو مجتمع مزدهر تسوده مبادئ العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، مشيرا إلى أن الاصلاح ليس شعارا فقط، وإنما يستلزم قابلية لتطبيق والاستمرارية على أرض الواقع. وبين العطية أهم الاصلاحات السياسة التي تمت في منطقة الخليج، والتي انجزها في تصديق مملكة البحرين في العام 2002 على دستورها الجديد الذي ينص على مجموعة من الحقوق الفردية، وانتخابات منتظمة ومحددة المواعيد واستقلالية السلطة القضائية، لافتا إلى ما قامت به دولة قطر حين أصدرت دستورا في العام 2004 منح المواطنين حقوقا سياسية جديدة، وما حققت المملكة العربية السعودية حين وضعت النظام الأساسي للحكم، وأنشأت مجلس الشورى ومجالس المنطق، إضافة إلى إنشائها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، لافتا إلى ما قامت به سلطنة عمان على الصعيد ذاته حين تم انشاء المحكمة العليا وانتخاب أعضاء مجلس الشورى عبر الاقتراع المباشر، ناهيك عن موافقة مجلس الأمة الكويتي على حق المرأة الكويتية في الترشح والانتخاب. وقال خلال كلمته أيضا: "لا ينبغي أن نسمح لمجموعة من الارهابيين المارقين بتشويه صورة الإسلام، لأن الإسلام هو دين التسامح للحد من التطرف والفوضى والعنف، كما أن الفكرة السائدة في الغرب بأن الدين يقف عائقا أمام المسلمين ويمنعهم من التطور ليست فكرة خاطئة فحسب، بل إنها تصف المسلمين بالتخلف الحضاري، إلا أن الحقيقة ليست كذلك اطلاقا، فليس من المعقول اتهام حضارة وثقافة تعود إلى 1400 عام ووصفها بأنها مصدرا لتفريخ الإرهاب". ومن جانبه، أكد الموسوي أهمية فتح الحوار مع أعضاء الاتحاد البرلماني الأوروبي، والتعاون والعمل المشترك في مجالات عدة اقتصادية وثقافية وإنسانية، تترجم فعلا مدى ما يمكن أن يحققه التقارب من منافع ومصالح مشتركة لشعوب العالم قاطبة. وقال: "إن الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط أمر مهم وحيوي، وهنا لابد لنا أن نؤكد ضرورة فتح الحوار من أجل انهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعمل على إقامة سلام عادل وآمن مبني على قرارات مجلس الأمن، يلبي طموحات كلا الطرفين، ويضع حلا تفاوضيا يوافقان عليه، تقوم من خلاله دولة فلسطينية لها سيادتها. كما أكد الموسوي ضرورة إدانة جميع أشكال الارهاب، وفقا لقرارات الأمم المتحدة، لافتا إلى إدانة جميع البلدان التي تأوي الإرهابيين وتمولهم، مؤكدا الحاجة إلى تطوير وتنفيذ سياسات مشتركة لمحاربة الارهاب. ومن جهته، أشار نائب رئيس البرلمان الأوروبي ماريو مورو إلى أن الحزب الشعبي الأوروبي هو مشروع سياسة التوازن بين الهيئات القومية وتلك التي تكون فوق الحدود، إضافة إلى التوازن بين السوق والتوازن بين الابتكار والتقليد، مؤكدا أن الحزب الشعبي يسعى إلى تفعيل الاتحاد الأوروبي الجديد حتى يتأسس على قاعدة أخلاقية تفسح المجال للثقافات المتنوعة بالاستفادة من التقاليد التي تكمن في كل بلد، لافتا إلى ما حققته الحركة الأوروبية الشعبية على صعيد إحداث تغييرات في السياسات الدولية، الأمر الذي ساهم في إسقاط حائط برلين، ناهيك عن سعيها إلى تحقيق التضامن المسيحي بغرض تحقيق التكامل الأوروبي بشكل متناغم مع المجتمع الدولي. ومن جانبه، أكد عضو مجلس الشورى خالد بن خليفة آل خليفة خلال كلمته التي ألقاها في الحوار بشأن "الديمقراطية البرلمانية في البحرين وتطوراتها التاريخية"، أن المنطقة العربية لم تكن على استعداد للإصلاحات الشاملة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية قبل 11 سبتمبر/ أيلول من العام ،2004 عدا البحرين التي أعلن عاهل البلاد فيها مشروعه الاصلاحي قبل ذلك التاريخ بأشهر، وأنه بدأ بالتهيئة للإصلاح قبل عام من ذلك التاريخ. ولخص الشيخ خالد أهم العوامل التي أدت إلى نجاح الإصلاح في البحرين، والمتمثلة في العامل الجغرافي، حين أكد أن ما يميز البحرين اليوم اقليميا، أنها لا تحمل أية أعباء لمشكلات الحدود، الأمر الذي اعتبره مطمئنا لمستقبلها ومستقبل جيرانها، ويؤمن الاستقرار النفسي للدولة والمجتمع، لافتا إلى ما للعامل التاريخي من دور، وهو ما تمثل في المرونة في الحكم والانفتاح على العالم الذي جعل البحرين تشهد أول انتخابات للمجالس البلدية في المنطقة. وأكد في الصدد ذاته، ما لإجراءات وخطوات تنفيذ الإصلاح من دور في نجاح العملية. أما استاذ الدراسات الاسلامية المساعد في كلية الآداب في جامعة البحرين عبداللطيف آل محمود، فأثار عدة اسئلة في كلمته "الاسلام في عالم متغير الديانات" التي القاها خلال الحوار، من بينها أسئلة تتعلق باستمرار الصراع العسكري والسياسي بين العالمين الغربي والاسلامي منذ الحروب الصليبية في القرن الحادي عشر وحتى يومنا هذا، وأسباب عدم وجود هذه الصراعات بين العالم الاسلامي والحضارات الشرقية، وفيما إذا كانوا يؤمنون بتعدد الحضارات والثقافات، وأنها سبيل لإثراء الانسانية وضرورة التعامل معها والمحافظة عليها، وفيما إذا كانوا يؤمنون على الصعيد ذاته بالتكامل بين الحضارات في جوانبها المادية والروحية. وأثار آل محمود سؤالا آخر بشأن ما يريده الغرب من العالم الاسلامي، وفيما إذا كانوا يريدون أن يكونوا قادة وأسيادا فيما المسلمون مستعمرون وعبيد، أو أن يكون العالم الإسلامي ضعيفا متخلفا ومنقسما على نفسه متحاربا بين دوله، أو أن يكونوا شركاء في العطاء الحضاري والبناء الحضاري لمصلحة الانسانية جمعاء
العدد 1178 - السبت 26 نوفمبر 2005م الموافق 24 شوال 1426هـ