العدد 1178 - السبت 26 نوفمبر 2005م الموافق 24 شوال 1426هـ

إصدار قوانين "الأحوال" للتنظيم... لا لتهميش الشرع!

وصفت القانون العماني بأنه الأفضل... القانونية الكويتية بدرية العوضي لـ "الوسط":

واقعا، لم تدخل ورشة العمل التي عقدت تحت عنوان "مساواة النساء في قوانين الأسرة في المنطقة العربية. .. التحديات و الدروس المستفادة والاستراتيجيات"، تحت مظلة الحراك القائم في البلاد ضمن الحملة الوطنية لاصدار قانون احكام الاسرة في البحرين بقدر ما هي بند مهم ضمن اولويات منظمة فريدوم هاوس أو... "بيت الحرية" في الدعوة إلى وجود قانون للأحوال الشخصية لدول المنطقة. لقد وجهت دعوات الى مختلف الجهات في البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وقطر، بينما شاركت الكويت واليمن ومصر والمغرب اضافة الى المملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية بهدف تبادل الخبرات والاطلاع على تجارب الآخرين لمناصرة حقوق المرأة ومطالبها الهادفة الى تحسين اوضاع النساء في منطقة الشرق الاوسط الموسع وشمال إفريقيا. في تلك الورشة، لم يغفل موضوع المفاهيم والاشكالات التي تواجهها المرأة العربية عموما والخليجية خصوصا في سن قوانين تنصفها وتنظم احوالها الاسرية، فشمل في سياقه الممارسات التي تهضم حقوق المرأة الانسانية في حالات من الزواج الدائم وتعدد الزوجات الى بروز ممارسات اجتماعية تسلب المرأة حقوقها مثل زواج المسيار والمتعة والعرفي واخيرا "السياحة" وعقد "اللمس" بحسب ما جاء في جلسات الورشة الثلاث، الى جانب العقبات والمطالبة بأهمية تحديث الخطاب الديني التنويري على خطى الشخصية التاريخية البارزة الشيخ محمد عبده والاستفادة منه في سن قوانين عادلة لنساء المنطقة خصوصا في ظل اطلاق دعوات رجعية مناهضة للمرأة. وفي هذا الصدد اعلنت مديرة مشروعات منظمة فريدوم هاوس فرانسيز ابوزيد ان منظمتها - وهي منظمة غير حكومية - تسعى حاليا ضمن اجندتها إلى تحسين القوانين في ثلاث دول خليجية هي: الكويت والبحرين وعمان. وتوضح ان تفاقم المشكلة سواء مع وجود أو عدم وجود القانون داخل غالبية مجتمعات الدول العربية راجع الى الامية بأهمية القانون وحتى بحقوق الانسان في اوساط النساء الى المعوقات الاجتماعية والثقافية مثل الهيمنة الابوية وضعف منظمات المجتمع المدني الى غياب دور الاعلام في التوعية. في هذا الحوار، تحاول "الوسط" ان تستشف ما تم طرحه من خلال الورشة مع القانونية والناشطة الكويتية بدرية العوضي التي عارضت فكرة ان التغيير يأتي من الخارج بل يأتي من الداخل وخصوصا ان وجود قوانين اسرية مفعلة هو ضرورة مجتمعية من اجل التنظيم لا من اجل تهميش الشرع الاسلامي، وفيما يأتي الحوار...

مقارنات بين تجارب عربية جديدة

بالنسبة إلى مشاركتكم في هذه الورشة ما ملاحظاتكم على ما طرح من قضايا شتى بشأن وضع المرأة وخصوصا في ظل غياب قوانين اسرية في بعض الدول الخليجية؟ - الورشة بحد ذاتها تعتبر ورشة متخصصة تركز على قوانين الاحوال الشخصية وحاليا التشريعات لهذه القوانين مطبقة في دولتين خليجيتين فقط هما الكويت وعمان لكن هناك فارق زمني، اذ طبقت في الكويت في العام 1984 بينما في عمان طبقت في العام 1997 وقد اخذت "وثيقة مسقط" التي اصدرها وزراء العدل لدول مجلس التعاون في العام 2001 ما جاء من القانون العماني في غالبيته من مبادئ للاستعانة والاستفادة منها من قبل دول الخليج في حال اصدار قوانين الاسرة في كل دولة من هذه الدول. في حين أن البحرين والامارات وقطر مازالت في مرحلة اصدار القانون اي "مشروعات قوانين" بينما ما هو معمول به في السعودية اخذ الاحكام من المذهب المالكي اي لا يوجد قانون، بينما عقدت بعض المقارنات مع التجارب العربية الجديدة مثل القانون المغربي. وشخصيا، وجدت ان القانون العماني لم يعط حقه في هذه الورشة ومقارنته مع "وثيقة مسقط" التي اصدرها وزراء العدل لدول الخليجية في وقت سابق واعتمدوها قانونا لنظام موحد للاحوال الشخصية لدول المنطقة، لكن في العام 2004 تم تجديد القانون من خلال وضع قواعد ارشادية بمعنى ان اية دولة خليجية بصدد اصدار قانون للاحوال عليها ان تستعين بهذه المبادئ التي نصت في "وثيقة مسقط". وشخصيا، اعتقد ان 95 في المئة من المبادئ التي وردت في "وثيقة مسقط" مطابقة للقانون العماني الذي على رغم وجود بعض التحفظات على البندين المتعلقين بتعدد الزوجات والتعويض لعدة المتعة للمطلقة والذي لم يضع قيودا كثيرة على غرار القانون المغربي وحتى الجزائري فإنه من وجهة نظري يعتبر قانونا نموذجيا للمرحلة الحالية، إذ إنه من افضل القوانين العربية عموما، الذي به من الايجابيات ما يضمن حقوق المرأة الاسرية والحضانة وبعضا من الحقوق الزوجية.

أهمية القانون للتنظيم

إذا، أين يكمن الاشكال في عدم اصدار قانون للاحوال الشخصية أو ما تحبذ ان تسميه بعض الدول بأحكام الاسرة كما هو الحاصل في بعض الدول الخليجية؟ - المشكلة تكمن في هذه الدول مثل البحرين والسعودية والامارات أنها لا تحظى بمدونة خاصة تحكم هذه الاحكام اي قانون خاص. فما يحصل في المحاكم الشرعية في هذه الدول هو عدم تنظيم العملية بمعنى ان كل قاض يحكم بحسب آراء الفقهاء الأكثر ملائمة فيصدر اكثر من حكم للحالة الواحدة وهنا تكمن خطورته من خلال اعطاء المشرع السلطة التقديرية للقاضي عبر تطبيق مذهب قد يضم في جعبته آراء كثيرة فيأخذ القاضي ما يراه مناسبا من وجهة نظره... بمعنى انه في الحالة الواحدة تظهر عدة احكام. لكن مع وجود قانون للاحوال الشخصية أو لأحكام الاسرة فإن القاضي تكون امامه مجموعة من المواد القانونية لكل مسألة وحلها بالتفصيل مطروح من خلال مذكرة ايضاحية خاصة للقاضي يرجع اليها... وطبعا أية دولة قانون لابد ان تكون لها تشريعات.

المرجعيات الشيعية

لكن هناك من يطالب بوجود ضمانات "دستورية" أو "خاصة" لاصدار القانون كما هو الحاصل عند بعض فئات من الشارع البحريني. ما هي وجهة نظركم القانونية في ذلك؟ - شخصيا لم افهم ما طالب به بعض رجال الدين المنتمين للمذهب الجعفري في البحرين بوجود ضمانات دستورية... فالدستور البحريني للعام 2002 حدد طريقة اصدار المراسيم واخذ بمبدأ الفصل بين السلطات لا السلطة التشريعية تستطيع أن تطغى على السلطة التنفيذية ولا الاخيرة تأخذ محل الاولى لكن هناك تعاون بين السلطتين اذ وضعت طريقة الاجراءات لكيفية اصدار القوانين. وهنا لابد من الاشارة الى ان الدستور يضمن ذلك وفي حال صدر القانون البحريني واعترض البعض عليه كونهم شعروا انه يخالف الدستور بامكانهم ان يطعنوا بعدم دستوريته. وبحسب ما قرأته في الصحافة البحرينية ان مجلس القضاء الاعلى يجب ان يكون الجهة المعنية بالتغيير أو تعديل نص من القانون وهذا لا يتم الا عبر الرجوع الى المرجعية الشيعية، وفي حال الرجوع الى المرجعيات الموجودة خارج البحرين فإنها تعطى الى ولاية الفقيه في ايران بمعنى انها تعمل كجهة رقابية أعلى من الدستور ومن السلطة التشريعية واعتقد ان في ذلك خطورة لأنه حتى المرجعيات الشيعية بها اختلاف في الآراء فمثلا كانت المرجعية للخوئي لكن بعد وفاته اصبحت للسيستاني الذي اسلوبه يختلف عن الخوئي. كما انه ليس من المعقول وضع نظام قانوني يعطي لمجلس القضاء الاعلى الحق في تغيير أو تعديل نصوص القانون لأنه ليست له صلاحيات ليعمل ذلك. لذلك فإنني ومن وجهة نظر قانونية اشدد على ضرورة قراءة الدستور البحريني لتوضيح كيفية وضع اي قانون سواء للاحوال الشخصية أو قانون جزاء أو غيره.

سلبية الحكومات

ذكرتم ان قانون الاحوال الشخصية العماني هو الافضل، لماذا؟ - كونه متطور مقارنة بالقانون المغربي الذي صدر وعدل في العام 2004 بعد توقيع عريضة المليون امرأة والذي لم يحتج الى سنه توقيع واحد لأية عريضة ومعمول به منذ العام .1997 هناك تحفظات كما ذكرت مسبقا على القانون العماني لكنها محدودة مثل تعدد الزوجات الذي حسمه القانون المغربي وعلى رغم ان القانون العماني اخذ ما جاء في الكويتي وطوره فإن "وثيقة مسقط" استمدت في مبادئها من القانون العماني وهي اكثر تقدما في بعض البنود مما طرح على سبيل المثال في القانون الكويتي. وهل "وثيقة مسقط" إلزامية على دول الخليج؟ - لا، هي قوائم ارشادية لا الزامية تستفيد منها خلال وضع قوانينها الخاصة بالاحوال الشخصية. ولماذا تتخوف بعض دول الخليج من اصدار قوانين اسرية؟ - لا يوجد تخوف ولا يوجد اختلاف الا محدود بين المذاهب الاسلامية كالميراث والحضانة ليست في صالح المرأة المنتمية للمذهب الجعفري، فمثلا في الكويت هناك مذهبان سني وآخر شيعي والاخير كان يستند في مبادئه إلى الخوئي، اما حاليا فهو يستمد من السيستاني. يجب ان يكون هدف الجميع واحدا ايا كان المذهب سنيا أم ،شيعيا، أم أباضيا أم غيره ليصب في مصلحة المرأة والاسرة لأن المرأة هي الاساس فلا يمكن ان تظلم المرأة في قوانين الاحوال الشخصية ولا في القوانين الدولية، فالكويت تحفظت في اتفاق "سيداو" على بند التبني فقط بينما مثلا تحفظت غالبية الدول على ان المرأة لها الحقوق والواجبات نفسها في العلاقة الزوجية. اخيرا، هل تعتقدين ان اقامة هذه الورشة تأتي ضمن الاملاءات الغربية حاليا على المنطقة؟ - لابد من التنويه إلى أن قوانين الاحوال الشخصية اساسها شرعي لا يمكن المساس بها ولا تهميشها حتى لو كان القانون متطورا مأخوذا من مذاهب فقهية متطورة كالقانون العماني. لكن الورشة اساسا تأتي ضمن حملة دولية لمنظمات غير حكومية لحقوق المرأة كحق من حقوق الانسان التي ذكرت في مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان للامم المتحدة وتنفيذا الى ما دعا اليه اعلان "بيجن" في العام 1995 من خلال النهوض بحقوق المرأة وتحسين اوضاعها في جميع دول العالم بما فيها دول المنطقة العربية التي حقيقة بها ظلم كبير واقع على المرأة سواء من قوانين الاحوال الشخصية أو قانون الجزاء أو قوانين العمل، والاخيرة متفاقمة بصورة اكبر في الغرب اكثر من دولنا العربية. لكن المطالبة بقوانين الاسرة هي مطلب قديم وزادت الحاجة

العدد 1178 - السبت 26 نوفمبر 2005م الموافق 24 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً