نستطيع القول إنه لا يوجد معايير أخلاقية في السياسة عموما، بل توجد فيها مصالح متبادلة. فالأنظمة العربية "الفتية" ليست الوحيدة التي اختفت معاييرها الأخلاقية، بل حتى الإدارة الأميركية الحالية ورئيسها جورج بوش، وذلك بشهادة الكثير من المفكرين والسياسيين الأميركيين الذين وجهوا للرئيس انتقادات لاذعة، ووصفوا إدارته بـ "الانحطاط الأخلاقي". الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، يقول: "إن إدارة بوش تسببت في انحطاط المعايير الأخلاقية التي ميزت السياسة الأميركية على مدى عقود... وإنه خلال السنوات الخمس الماضية حدث تغيير كبير في الأسس الأخلاقية الأميركية"، إلا أن كارتر يجهل أن الجميع يعلم أن المعايير غير الأخلاقية كانت موجودة دائما في السياسة الأميركية في صيغة "ضمير مستتر"، إلا أن سوء إدارة بوش هي التي أظهرتها. وأمام الانتقادات العلنية اضطر جورج بوش إلى دفع المسئولين في البيت الأبيض للاشتراك في "الدورة الأخلاقية" التي يقدمها، إلا أن أخلاقهم لم تستقم، فـ "معلمهم"، أسقط "القناع الحضاري" عن وجه السياسة الأميركية بسياسة الأكاذيب والتزييف. كما أن "الهندسة الأخلاقية" لجيل الساسة الجدد أعدت لتبرر حروبهم على عوالم كان من المستحيل تكييفها أو مطابقتها لقواعد العمل الأميركي في العالم إلا بالقوة. جيل المحافظين الجديد يحمل "جينا وراثيا" اسمه "الجنون الحربي"، لذلك فلا أحد يستطيع أن يقنعهم بالعدول عن "الحروب" وعن استخدام القوة، إذ إن الأفكار التي تؤلف استراتيجية هذا النوع من الناس هي أفكار غير عقلانية، لذلك لا تصح معهم العقلانية، ثم إنهم غالبا ما يقودون أنفسهم إلى معضلة مستحيلة في أي خطوة يقومون بها، تماما كما بتنا نرى في العراق، إذ لا يكاد يمر أسبوع من دون أن يحمل معه تطورات تفاقم مشكلات الإدارة الأميركية وتزيد منها
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1177 - الجمعة 25 نوفمبر 2005م الموافق 23 شوال 1426هـ