الخوف من العمليات المسلحة التي يشهدها العراق لم يعد يثير قلق أبناء هذا البلد وحده، بل تحول ليطال الدول المهددة بالإرهاب والمعنية بعمليات العنف. وأساس هذه المخاوف هي طريقة ذلك العنف الذي يوصف بأنه صار أكثر تعقيدا ويمكن أن يزهق أرواح كثيرين، وأيضا صار ينتقل بتكتيكاته وأساليبه التي يعدها الخبراء أنها "جديدة ومبتكرة" من العراق إلى الكثير من دول العالم، ابتداء من أفغانستان التي عاشت هدوءا واضحا بعد طرد "نظام طالبان" و"القاعدة"، مرورا بأسبانيا وإنجلترا والأردن، التي شهدت عمليات إرهابية راح ضحيتها المئات، وصولا إلى اميركا التي تعيش الآن هاجس هذه العمليات، واحتمالات انتقالها إلى مدنها المختلفة. فأمس أعرب مدير شرطة مدينة نيويورك الأميركية راي كيلي عن قلقه من احتمال تصدير الأساليب التي طورها المسلحون العراقيون لتستخدم ضد أهداف بالمدن الاميركية، وهي مخاوف مشروعة مع ما تمثله هذه العمليات من قتل وإرهاب لا يفرق بين هدف مدني أو عسكري. لكن، من كان وراء هذا التطور في العنف والتكتيكات؟ لقد دافع صقور السياسة الاميركية منذ بدايات احتلال العراق على تحويله إلى مصدر جذب للإرهابيين لتتم إبادتهم على أرضه بعيدا عن المدن الأميركية، لكنهم نسوا أن أرض العراق تحولت إلى بيئة خصبة لتمازج الفكر المتطرف المستورد مع الخبرة العسكرية والتقنية المحلية. ونقصد هنا تحويل جيش خاض 3 حروب على مدى 20 سنة إلى أداة بيد التكفيريين ودعاة الكراهية والحقد تجاه الآخرين، فضلا عن كميات السلاح الموجودة في العراق الذي ما زالت أرضه تحتضن حتى الآن عشرات الملايين من الألغام على طول حدود العراقية الإيرانية القابلة للتفكيك وإعادة استخدامها في عمليات التفجير. إذا، نجح صقور الاميركان في "إعادة تصنيع" الإرهاب في العراق وتصديره إلى باقي الدول، التي يبدو أنها ستحصد الآن ثمرات من مبدأ "الفوضى البناءة" التي بشر بها أول حاكم مدني أميركي في العراق ونقصد به السفير بول برايمر
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1177 - الجمعة 25 نوفمبر 2005م الموافق 23 شوال 1426هـ