الحملة الإعلامية المعبأة والمقصودة التي شنتها إحدى الصحف المحلية ضد الرجل المخلص وزير الإعلام محمد عبدالغفار، هي حملة بغيضة هدفها التشويه والانتقاص من وطنية هذا الرجل الشجاع. ويبدو أن هناك أيادي خفية غير نزيهة تمارس هذا الدور وتملأ القلوب بوقود الكراهية، والألسن ببذاءة الكلمة، وتصعد وتيرة الخلاف بين أبناء الأسرة الواحدة، وتبرز نغمات ناشزة مزعجة تحاول تأليب الرأي العام على الوزير. وما يدل على سذاجة هذا النقد، وأنه لم يرد به الإصلاح وإنما الحقد والحسد، هو انفراد صحيفة واحدة دون غيرها بالإساءة إلى شخص الوزير. إن وزير الإعلام وزير الدولة للشئون الخارجية محمد عبد الغفار رجل شريف، وليست لديه شركات خاصة تتضارب مع عمله الوزاري، يتمتع بدماثة الخلق، وحسن التعامل، وهو واسع الثقافة والمعرفة، حاصل على الدكتوراه من جامعة نيويورك في العلوم السياسية، وكان سفير مملكتنا في واشنطن. اذا، هو يملك من المعرفة والخبرة والعلم ما لا يملكه "الخفافيش" أو الذين ينامون تحت الطاولات، ولا يفتحون نوافذهم للآخرين، ويوصدون أبوابهم في وجوههم، ولا يستمعون إلا لمن له مصلحة شخصية، أو يتعيشون من ورائه. ولكن الحسد والضغينة اللتين امتلأت بهما قلوبهم هما اللذان دفعاهم إلى التطاول وتقول ما ليس بعيب. إن إحدى الصحف تتعمد تزوير الحقائق، وإثارة الفتن، يدفعها الحقد والغل، تنتقد في صلف وجلف، فتنشر تصريحات من هنا وهناك على ألسن شخوص من غير أن تذكر أسماءهم، لا تريد بذلك إلا الإفساد في الأرض. وهناك من اتهم الوزير بملاطفة ومغازلة التيار الديني خوفا من الاصطدام به، ونحن نقول: لو كان هذا صحيحا لمنع كتابي "الجلاد والضحية في المحاكم الشرعية"، الذي أثار حفيظة التيار الديني، ولو كان يطلب رضاهم لأطال لحيته وقصر ثوبه، ولكنه لم يفعل ذلك، وإنما التزم بشرف مهنته من دون أن ينحاز إلى هذا أو ذاك، ومن دون أن يحول إمكانات الوزارة لصالح شركاته، وهو أيضا لا يملك شركات كما كان "وكما هو" حال غيره. إننا لا نستنكر أي نقد يوجه إلى أي شخص، وإن كان عالي المكان والمقام، ولكن ينبغي أن يكون النقد عقلانيا تشم منه رائحة الإصلاح والبناء، لا أن تشم منه رائحة الحقد وإظهار الوزير للناس على أنه غير مؤهل، وهو المتصف بواسع المعرفة والحكمة، وهو الذي كانت محاضراته التي كان يلقيها إبان توليه منصبه في واشنطن محل ثناء واستحسان، ومقترحات صائبة كان يتلقاها الأجانب بصدور رحبة وتؤخذ في الاعتبار. إن هناك وزراء أحق بالنقد والرد والمساءلة، فهناك من كان ينعق خارج السرب شاتما متذمرا، وأصبح في ليلة وضحاها على كرسي المسئولية، وآخر كان يجلس على كرسي الوعظ ويؤم الناس في الصلاة فإذا به يصبح ذا مكانة، وآخر قد أكل عليه الزمن وشرب وأصبح منتهي الصلاحية ولم يعد ينتج ومع ذلك مازال محبوبا، وآخر يفتح مجلسه للغيبة والنميمة ويحضره كبار الشخصيات والرواد، فتنهش فيه أعراض الناس من دون أن ينتقدوا أو يساءلوا، وقد مضت عليهم مدة من العمر ولم يحركوا ساكنا ولم تتضح على وزاراتهم آثار التغيير والإصلاح. بل إن بعضهم لم يصلحوا في وزاراتهم إلا مكاتبهم وتغيير أثاث المكتب والديكور، وبسط السجاد الفاخر وعمل لمسات فنية في الدور الذي يقطنه، وحوزة فنية بحيث لا يدخله إلا المحبوبون والمقربون. فكيف ينتقد هذا الوزير وعهده بالوزارة أشهر قليلة؟ إن الجميع يعلم من هو الشخص الذي استغل منصبه من أجل مصالحه وشركاته الخاصة، وحول الوزارة التي يشرف عليها من أجل الثراء الشخصي وتحويل إمكانات الدولة لصالحه وصالح من يلتف به. وهذه خصلة سيئة، وهي غير موجودة لدى وزير الإعلام الحالي، ولذلك فإن حقد البعض ضده لن ينضب. إن هذه المشاكسات المدروسة والمنظمة والمقصودة لن تثني الرجل الشجاع عن مواصلة مسيرته كونه الرجل المسئول، وإن الذين ينعقون إنما يدمون حناجرهم، ويسيئون إلى أنفسهم ويفضحون ما تكنه خزائن قلوبهم، ويتعرون من كل فضيلة وأدب، ولكن أقول: يا "بومعاذ" سر إلى الأمام، فالقافلة تسير، واعلم إن عضت الحشرة حصانا أصيلا فستبقى الحشرة حشرة، ويبقى الحصان أصيلا. وفقك الله يا "بومعاذ"، فنحن معك سائرون وعلى خطاك متبعون، ولن يضرك ما يقوله المفترون
العدد 1177 - الجمعة 25 نوفمبر 2005م الموافق 23 شوال 1426هـ