الكثير من أبناء هذا الوطن أثروا ساحتنا الوطنية بالتضحية وبذل النفس والنفيس من أجل رقي وتقدم الوطن، من هؤلاء الكاتب الساخر ذو القلم الهادف خليفة حسن قاسم» و«خليفة» من الكتاب الذين تتبعوا فساد الكبار بأسلوب تهكمي ساخر، وناطح جبال الوساطات والمحسوبيات «بالقفشات» و«الأرجوزات»، شعراً ونثراً، في وقت كان الآخرون يتحسسون من الهمس بشأنها. .. فقد كتب عن الفساد في وزارات الدولة، وتطرق إلى قابضي «الكوميشنات»... وأثرى الساحة الثقافية بالشعر، والنقد الهادف وإصدار المجلات المتخصصة. ألم يتحف القارئ العربي بالكثير من الكتابات الساخرة والهادفة في آن واحد؟ ألا يستحق خليفة حسن قاسم أن نسمي شارعاً باسمه، تكريماً له على ما قدمه من إنتاج أدبي؟ من المؤكد أن «التكريم الحقيقي هو رحمة الله ومغفرته للرجل»، أما ونحن عايشناه ونهلنا من معين كتاباته فإنه أصبح لزاماً علينا تكريمه والوفاء له، اختلفنا أو اتفقنا فيما كتبه «خليفة»» إلاّ أن تكريمه واجب وطني على أعضاء مجلس المحرق البلدي القيام به، وتسمية أحد شوارع المحرق باسمه. تكريم «خليفة» واجب وطني يضغط باتجاهه ذكريات نحملها عن «طاش ما طاش»، وذكريات لرجل حمل هموم الوطن والمواطن البسيط في مواجهة غلاء المعيشة، وكان «منفستو» لأهل البحرين في فترة مظلمة. كانت له عين الناقد للأوضاع الاجتماعية المتردية، وكان يشاهد الكل من زاوية رجل الشارع العادي الذي مثله خير تمثيل. ما كتبه يدل على توغله في ثنايا الهموم الشعبية، وكان أسلوبه البسيط ذا مدلول عميق، وكانت قيمة ما يكتبه أكبر بكثير من تنظيرات الغرف المغلقة والكتب المغلفة الفاخرة التي يتهادى بها البعض... فيما كتبه «خليفة» الكثير والكثير مما هو قابع في ذاكرة الناس» جميع الناس. كان شاهداً على التغير الاجتماعي الذي طرأ على العادات والتقاليد الاجتماعية، وسجل ملاحظاته بأسلوب تهكمي ساخر مخاض التغير الاجتماعي، كما أنه كان مؤرخاً صادقاً لمعاناة العرب والنكسة إلى الشرخ العربي الكبير الذي أحدثه جرح الغزو الصدامي للكويت. عاصر النكبات والأزمات التي مرت بالأمة العربية، نكبة بعد نكبة، ونقل أحاسيس ومشاعر ومعاناة المواطن العربي بأسلوب بسيط فكاهي ورثائي في الوقت نفسه، خاض معارك مع الجميع لكنه لم يخسر أحداً... ريشته التهكمية لم تجرح أحداً، وكما يقال: «كان يوخز ولا يدمي» هكذا كان أسلوبه وتناوله للموضوعات. تسمية أحد شوارع مملكة البحرين باسم خليفة حسن قاسم هي أمنية عزيزة على قلب كل من نهل من معين «خليفة»، فهل يبخل المسئولون ومجلس المحرق البلدي علينا بتسمية شارع باسمه؟ إنها دعوة للاحتفاء وتكريم أبناء الوطن الذين أثروا الساحة الثقافية بالمعرفة واللغة والأسلوب السلس البسيط. ونحن لم نجد إلى حد الآن من يشغل الفراغ الذي خلّفه رحيله.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1174 - الثلثاء 22 نوفمبر 2005م الموافق 20 شوال 1426هـ