على هامش الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني الذي عقد في القاهرة مطلع الأسبوع أبدى الرئيس العراقي جلال الطالباني استعداداً للتحدث مع المسلحين المعارضين لحكومته إذا أرادوا الاتصال به. وقال: «إذا رغب من يسمون أنفسهم بالمقاومة في الاتصال بي فأنا سأرحب بهم. أنا لن أرفض اللقاء بأي عراقي يريد اللقاء بي.ولكن طبعاً هذا لا يعني أني سأقبل منه ما يقول». وفي الحقيقة، أصبحت المقاومة العراقية واقعاً معاشاً على الأرض وليس من المصلحة تجاهل هذا الواقع وان شابها كثير من الانحرافات عن خطها، الذي كان ينبغي أن تسلكه ألا وهو مقاومة الاحتلال وليس الدخول في حرب أهلية أو الانقياد لنزوات المقاتلين الذين جاءوا من خارج العراق ولا يعرفون الكثير عن واقعه وماهية طبيعة العلاقة بين الطوائف المختلفة. وفي الواقع أيضاً تمتلك هذه المقاومة سلاحا ولها قضية مركزية تطرحها بطريقتها الخاصة بها ولذلك لابد من مد الجسور معها ولكن تصريحات الطالباني يستشف منها أنه لا يعترف بها بينما الاعتراف أمر ضروري حتى يكون اللقاء مجدياً. الاعتراف بالمقاومة الشريفة (وليس الإرهابيون) والاتصال بها وليس اتصالها هي بالسلطة تعتبران خطوتين في الطريق الصحيح لاختزال الوقت في حل الأزمة. ومن المعروف أن الطالباني لا يتمتع بسلطة تنفيذية، إذ أن منصبه سيادي ولكن من الممكن أن يستغل ثقله السياسي في إقليم كردستان وبمعية رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني في إقناع شركائهما في السلطة في إجراء حوار جاد وبناء مع المسلحين وبالتالي التوصل إلى تسوية سلمية تقتضي إلقاء المسلحين لسلاحهم في مقابل مطالبة الحكومة العراقية الولايات المتحدة بوضع جدول زمني لسحب القوات المتعددة الجنسية من هذا البلد. إن الموعد الذي حدده اجتماع القاهرة بالخامس والعشرين من فبراير/ شباط المقبل لانعقاد مؤتمر الوفاق الوطني ليس بعيداً من الآن، ولذلك لابد من تحرك بناء من كل الأطراف باتجاه المصالحة الوطنية الشاملة ووقف نزيف الدم العراقي. وحتى الوصول إلى ذلك الهدف السامي، يجب اعتراف كل طرف عراقي بالطرف الآخر في هذه المرحلة الحساسة التي تعقدت وتأثرت فيها عوامل داخلية بإقليمية ودولية
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1174 - الثلثاء 22 نوفمبر 2005م الموافق 20 شوال 1426هـ