لابد من الاعتماد على مجموعة من السبل والآليات لتحقيق التمكين السياسي للمرأة والذي أجد من بينها الآليات التي نتناولها في هذا المقال. في مقدمة هذه الآليات، الكوتا النسائية في المجالس المنتخبة، إذ إن اللجوء إلى الكوتا النسائية كإجراء انتقالي/ مرحلي لتعزيز المشاركة النسائية للمرأة لأمر مهم، إذ إنه من دون الكوتا، فإن فرص المرأة في الفوز في الانتخابات العامة في ظل الظروف الحالية غير مطمئنة، وهذا ما تؤكده ليس فقط تجربة البحرين في انتخابات الدورة الأولى للمجالس المنتخبة وإنما نتاج انتخابات شملت معظم الدول العربية التي تتماثل في الظروف مع البحرين. إلى جانب تشكيل تحالف نسائي كجماعة ضغط من أجل اعتماد صيغة تمثيل عادل للمرأة في المجالس المنتخبة بنسبة لا تقل عن 30 في المئة من مقاعد المجالس المنتخبة في الانتخابات العامة. إضافة إلى ذلك، تعديل قانون الانتخاب بغية تخصيص عدد من المقاعد في المجالس المنتخبة، لاسيما أن قانون الانتخاب يعتمد بدرجة كبيرة على صوت واحد للناخب الواحد، ما يعتبر بمثابة تقليص لفرص الفوز أمام المرأة، كأن يتم تخصيص على سبيل المثال (8) مقاعد للمرأة، وهذه المقاعد ليست محصورة بمنطقة جغرافية محددة أو بدوائر محددة، وإنما تحتسب على أساس المفاضلة بين جميع المرشحات من حيث نسبة الأصوات التي حصلت عليها المرشحة قياسا بمجموع الأصوات المقترعة في دائرتها الانتخابية وتفوز بالمقاعد الثمانية المرشحات اللواتي حصلن على أعلى النسب في جميع الدوائر الانتخابية. والسعي بشكل مستمر لأن تكون المرأة هي المحرض الأول لكل من الزوج والابن... لكي يقوم بدوره في المشاركة السياسية لأنه إذا كان الرجل هو عقل البيت فالمرأة هي قلبه ومشاعره التي تؤثر فيه. كما ينبغي التعامل مع قضايا المرأة بفلسفة جديدة مع الحرص الدائم على التوعية وغيرها كقضية الأمية والمشكلة الإسكانية، فنحن أمام قدر كبير من السلوكات الخاطئة في الشارع وتتطلب معالجتها وضع توجه واضح لها، ليكون للمرأة والرجل والطفل والشاب دورهم. كما يجب على وسائل الإعلام أن تضع استراتجية لتفعيل دور المرأة في العملية السياسية وأن تحرص على تغيير الصورة النمطية والسلبية للمرأة، وأن تقوم كذلك بتوضيح جميع التغييرات الثقافية والسياسية التي يشهدها المجتمع خلال تلك الفترة وأهمية مشاركة المرأة فيها، كي تتحقق التنمية الحقيقية والرخاء للمجتمع. إن من المهم وضع المفاهيم الايجابية عن دور المرأة وأهمية مشاركتها في جميع أوجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، واستخدام كل ما يخرج المرأة من سلبيتها تجاه الانتخابات، وذلك من خلال استخدام الرسائل الإعلامية التي تشمل جميع الشرائح وليس المرأة فقط، وضرورة الارتقاء بالخطاب الإعلامي فيما يتعلق بالمرأة والكف عن تقديمها في صورة نمطية لا تتفق مع ما حققته من مكاسب على جميع الأصعدة. إن اضطلاع المرأة بدورها الفعلي في العمل السياسي مرتبط بعودة السياسة إلى المجتمع، وإفساح المجال أمام الرأي الآخر، بالسماح للجمعيات السياسية وجميع مؤسسات المجتمع المدني بأخذ دورها، إذ ان النضال في سبيل نيل المرأة حقوقها مرتبط ارتباطاً حقيقياً بحركة إحياء المجتمع المدني التي تسعى للنهوض بالمجتمع ككل. فنهوض المجتمع يؤدي إلى النهوض بالمرأة، والعكس صحيح، إذ لابد من استغلال جميع الطاقات المجتمعية، التي تساهم في رفد مساعي الدولة. كما ان من الضروري العمل الجاد والمخلص في سبيل تكريس مفهوم اعتبار العمل المنزلي في رعاية الأسرة والأطفال من اختصاص المرأة والرجل معاً، يستحق من يقوم به كل الاحترام والتقدير، إذ بات من المؤكد أن المرأة باتت تتحمل أعباء العمل داخل المنزل وخارجه على حساب بروزها وتقدمها في المجتمع. إن النخب الحاكمة في الخليج تعطي اهتماماً خاصاً بالمشروعات التي تستهدف تعزيز المرأة ولكن لا يكفي لضمان تطبيق تلك المشروعات، إذا هناك حاجة ماسة لقنوات وأطر مؤسسية تستطيع المرأة من خلالها التعبير عن رأيها وأن تنظم نفسها في شكل اتحادات يكون دورها تعديل القوانين التي تميز بين الجنسين، ولا يكون الأمر قاصراً فقط على الجمعيات النسائية. كما انه لابد للمرأة من الخروج من النطاق التقليدي لذاتها وللقيم المجتمعية التي تحكمها، فالقوانين والقرارات السياسية لا يمكن لها أن تغير من مفهوم الذات أو من الموروث الثقافي ما لم يكن أفراد المجتمع مستعدين لهذا التحول، ولن يتحقق ذلك إلاّ من خلال توعية مجتمعية يشترك فيها جميع الأطراف والقطاعات. كما نضيف تشكيل لجنة وطنية تهدف إلى دعم النساء البحرينيات الراغبات في الترشح للانتخابات المقبلة تعمل على إعداد أطر نسائية مؤهلة ومستعدة للعمل النقابي والتشريعي من خلال استقطاب الطاقات النسائية المنتمية لجميع التيارات والتوجهات السياسية وممثلة لجميع الفئات العمرية. وتكاتف النساء وتنسيق جهود المنظمات النسائية واحتضان الكفاءات النسائية من شأنه أن يساهم في تذليل العقبات وتشجيع المرأة على خوض التجربة بثقة وثبات وجدارة. تغيير الدستور، بهدف تجديده ليستوعب مشاركة أكثر للمرأة، مع الاستفادة من الضغط العالمي باتجاه قضية المرأة، وإشراكها في المسألة الديمقراطية، والعمل على تعديل جميع القوانين التي تحتوي على مواد تميز بين المرأة والرجل. إلى جانب إجراء دراسات وأبحاث معمقة عن تدني مشاركة المرأة سياسيا بهدف العمل على تقليل أسبابها، والتنسيق والتعاون المستمر في إعداد برامج متكاملة ومستمرة بين المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية المعنية، بهدف الدفع بالمرأة نحو المشاركة الفاعلة في العمل السياسي، والمساعدة الفاعلة في خلق التكتلات والشبكات والحركات النسائية المؤثرة لتكون قوة ضغط حقيقية في تصحيح المسار ونشر الوعي المجتمعي. وأخيراً... تحريم ومعاقبة استخدام العنف والتغرير بأية صورة كانت أثناء فترة الانتخابات العامة حتى لا تكون المرأة تابعة للرجل في قدرتها الصوتية. وتشجيع النساء على الالتحاق في مجالات الأمن العام والقضاء والمحاماة ودعمها للوصول إلى القضاء بهدف الدفاع عن النساء، والحد من الظلم الاجتماعي الذي يلحق بهن. والأمر لا يتحقق إذا ما اكتفينا بحمل الشعارات البراقة، فالقضية أكبر وأهم من الحماس لها من دون أدنى نتائج عملية ملموسة.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1173 - الإثنين 21 نوفمبر 2005م الموافق 19 شوال 1426هـ