دبي في طريقها لأن تصبح «هونغ كونغ» الشرق الأوسط، وهي في طريقها لأن يصل عدد سكانها إلى خمسة ملايين إنسان في العام ،2020 وهو عدد سكان هونغ كونغ نفسه عندما كانت في يد البريطانيين قبل العام 1997 (حالياً يبلغ عدد نسمة هونغ كونغ سبعة ملايين نسمة). النشاطات التجارية والتسهيلات في دبي جميعها تقريباً تقليد (وتطوير) على ما كانت عليه هونغ كونغ من مواسم تسوق ومناطق صناعية ومواصلات متطورة وخطوط توزيع ميسرة وربط مع العالم من خلال الجو والبحر. وحالياً، فإن دبي بدأت في إنشاء خطوط قطارات، ستكون متطورة جداً ومن دون سائق (كما هو الحال مع قطارات شرق لندن)، وهذه الخطوط ستكون الأطول عالمياً التي تخدم مدينة مكتظة بالسكان ولكنها تسير بصورة تلقائية. بلدية دبي خصصت نحو ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار للمشروع، واستطاعت الحصول على جزء كبير من هذا التمويل من خلال بيع أراضي الدولة على المستثمرين الذين يودون إنشاء مكاتبهم ومحلاتهم بالقرب من محطات القطار التي ستكون جاهزة بحسب الموعد المخطط لها، وهذه المحطات (عددها 43) ستكون جميعها مجهزة بتكييف هوائي متطور وبعضها سيكون على ارتفاع عال وسيربط المطار بالمراكز الرئيسية بالمطار الجديد في جبل علي بمنطقة «دبي لاند». القطار أيضاً سيكون جزء منه تحت الأرض وهناك أربع محطات تحت الأرض، وستكون هناك 44 عربة قطار، وأول خط سيتم تشغيله العام 2009 (بعد أربع سنوات من الآن). هذا النجاح لدبي يجب أن يفرح قلوبنا، لأننا نتمنى تكرار قصص النجاح في منطقتنا التي خسرت ثرواتها في الحروب الطاحنة والأزمات السياسية المتلاحقة. وفي البحرين نستطيع أن نخلق قصة نجاح، وإذا كنا لا نستطيع الوصول إلى مستوى «هونغ كونغ»، فإنه بلاشك نستطيع أن نصل إلى مستوى «سنغافورة». ولكن لكي نصل إلى ما وصلت إليه سنغافورة فإننا بحاجة إلى عدة خطوات أكثر جرأة وأكثر حزماً وأكثر عزماً وأكثر وضوحاً. إننا بحاجة أولاً إلى إصلاح إدارة الشركات الكبرى التي تسيطر عليها الدولة بحيث تتحول إلى إدارات خاضعة للسوق ولضوابط السوق. ويجب ان تتخلى عن الحجج المطروحة، من ان هذه الشركة التي تخسر، أو تلك الشركة التي تهتز كل يوم، تساعدنا في توظيف «عدة مئات» أو «آلاف» من البحرينيين. ان بعض هذه الشركات أصبحت «تبتلع» الثروات تحت هذه الحجج وهي في انحدار مستمر ولن تنقذها إلا خطوة جريئة تنتشلها من خسارة حتمية تنتظرنا إذا استمرينا على الأسلوب الإداري نفسه المتبع في الشركات الكبرى التي تسيطر عليها الدولة. ثم إننا بحاجة إلى «إصلاح ملكية الأراضي»، لأن دبي استطاعت تمويل شبكة من القطارات المتطورة من خلال بيع أراضي الدولة على القطاع الخاص. وفي البحرين أصبح كل شيء ملكاً خاصاً، وإذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه فلن نصل إلى مستوى سنغافورة ولو بعد ألف سنة من الآن. إننا بحاجة إلى خطوة حازمة تطلق مشروعاً لإصلاح امتلاك الأراضي وإعادة الثروة إلى البحرين بصفتها دولة، يتم تداول الثروة والسلطة فيها لخدمة أهلها وليس لخدمة فئة صغيرة جداً فقط. ومع إصلاح إدارة الشركات الكبرى وإصلاح ملكيات الأراضي، فإن علينا أيضاً أن نتوجه إلى ضمان توافر الطاقة من غاز وكهرباء، لأنه من دون هذه الطاقة لن نستطيع بناء مصنع كبير آخر، أو مصانع متوسطة، أو منشآت صغيرة. فالغاز الذي لدينا لا يكفي، والكهرباء تكفي قليلاً، ولكن شبكة التوزيع أكل الدهر عليها وشرب، ولا شك ان كل هذه الاصلاحات تحتاج إلى حكومة صغيرة من 12 إلى 14 وزارة فاعلة وقوية من دون بيروقراطية مترهلة تبتلع 70 في المئة من مدخول النفط وتحرم البحرين من استخدام هذا المال في تطوير البنية التحتة التي نحتاجها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1173 - الإثنين 21 نوفمبر 2005م الموافق 19 شوال 1426هـ