لعل من يقرأ هذا الحديث، وخصوصاً من آباء الطلبة الأصغر سناً والذين لايزالون في مراحلهم الابتدائية أو حتى الإعدادية، يحاول طمأنة نفسه بأن هذه الأهوال بعيدة عن ابنه أو ابنته، لكن نظرة اخرى ومحاولة بسيطة منا لاستطلاع واقع بعض مدارس المرحلتين الابتدائية والإعدادية عادت علينا بمصائب و«بلاوي» من نوع مشابه، بحسب وصف إحدى الأمهات. هذه القصة ترويها لنا «أميرة» الطالبة بإحدى المدارس الثانوية فتنقل صورة مختلفة لمدارس البنات، إذ تقول: «عدد الطالبات الشاذات في مدرستي يفوق التصور، وقد اعتدنا رؤيتهن يتبادلن القبلات في الفسحة»، وبعبارتها «الشذوذ في مدرستي على قفا من يشيل». وتضيف أن «هؤلاء الفتيات لا يتورعن عن التحرش بأية فتاة تعجبهن في المدرسة، وتعرضت أنا شخصياً لتحرش من إحدى هؤلاء الفتيات». أما عن رد فعل الإدارة فتقول: «الإدارة تفعل ما بوسعها لمكافحة هذه الظاهرة، لكن الأمر أكبر من أن تتمكن المديرة ومساعدتها أن يواجهنه».
و... صورة مختلفة في المدارس الابتدائية
تقول إحدى مدرسات اللغة العربية بإحدى المدارس الابتدائية: «قبل العام من الآن انتشر حديث هامس بين الطالبات، لكنه سرعان ما تداعى إلى سمع الإدارة، إذ اشتكت بعض هؤلاء الطالبات من تحرش بائع البرادة المقابلة للمدرسة بكثيرات منهن». وتضيف «الواقع ان الانحرافات لا تأتي من خارج المدرسة وحسب، بل ان هناك كثيراً من التجاوزات التي تأتي من الطالبات أنفسهن على رغم صغر أعمارهن. إحدى طالباتي التي تبدو أكبر من سنها تتبرج بشكل لافت للنظر حال مغادرتها المدرسة، بل انها في إحدى الرحلات المدرسية قامت بارتداء زي طالبة ثانوية لتتمكن من معاكسة الفتيان». وتواصل «طالبة أخرى تعاني من مشكلة حقيقية، إذ إنها ونظراً لمشاهدتها الكثير من المسلسلات المدبلجة، تحاول تطبيق بعض ما تشاهده من سلوكيات منحرفة مع زميلاتها في الفصل».
من المسئول؟،
أمام روايات الطلبة والمربين المرعبة تلك، ارتعدت فرائص بعض من أولياء الأمور الذين التقيناهم ووجدناهم أكثر رعبا من أبنائهم. «بتول» هي والدة لطالب في المرحلة الثانوية قالت منفعلة رداً على سؤال عن شعورها كولية أمر إزاء ما يحدث في المدارس: «الإدارة تساعد الطلبة على التسيب ولا تمانع الانحرافات الأخلاقية. هل تصدقين أنه في أول أيام الدراسة لم تكن الإدارة مهيئة للطلبة احتياجاتهم في المدرسة، حيث يدرس ابني، فلم يتم فتح المقصف، الأمر الذي دعى المدير لأن يقوم بفتح باب المدرسة في الفسحة والسماح للطلبة بالمغادرة للشراء من البرادات القريبة. كيف له أن يفعل ذلك، نحن نأتمنه على أبنائنا ليسمح لهم بمغادرة المدرسة حتى من دون أن يعلم وجهتهم». وتضيف «أنا مرعوبة وقلقة جداً، إذ لا أعرف ما يمكن أن يحدث لابني أو ابنتي طوال الساعات التي يقضونها في المدرسة. يفترض أننا نتركهم في أيد أمينة لا تكتفي بتعليمهم بل تشارك في تربيتهم وتنشأتهم نشأة سليمة. وتضيف بتول... «ليت الأمر يتوقف عند المساهمة في تسيب الطلبة، لكن كيف يتصور هؤلاء المربون شعورنا ونحن نسمع عن مجلات خلاعية يتم تبادلها، وحشيشة تروج داخل المدارس، أم كيف تتصور مربياتنا الفاضلات حالنا وشائعات شقق الدعارة التي تقوم على فتيات الثانوية تنتشر في الأنحاء؟،
ألوم الأسر أولاً وأخيراً
ولا تتفق جليلة، وهي ولية أمر أخرى لطالبتين في المرحلة الثانوية، مع بتول، إذ تؤكد أن الأسر هي المسئولة الأولى والأخيرة عن أية انحرافات أو تجاوزات يتعرض لها الأبناء. وتتابع «أشعر باستياء كبير لما نسمعه عن قضايا التجاوزات الأخلاقية التي يشيب لها الطفل الرضيع، وأستغرب ان تحدث مثل هذه الأمور في البحرين، بل إنني لا أكاد أصدق ان تحدث هذه الأمور في مدارسنا». كما تؤكد «لم أسمع بأية حادثة في أي من المدارس التي درست بها بناتي». أما مسئولية ما يحدث فتحملها جليلة أولاً وأخيراً أولياء الأمور، وتسأل مندهشة: «أين هم أولياء الأمور، هل يعقل ألا يشعروا بإقدام ابنائهم أو بناتهم على أي خطأ؟»، وتواصل «لا أعرف حقاً من المسئول عن ذلك، هل هم الآباء، أم انها مشكلة المجتمع، لا أعرف لمن أوجه اللوم، لكنني أعلم جيداً أن أولياء الأمور هم المسئولون أولاً وأخيراً، فالأبناء يقضون معهم الوقت الأطول». أما عن إدارات المدرسة، فتؤكد جليلة أنه «لا يمكن توجيه اللوم إليهم، فهم يفعلون ما بوسعهم، كأن يمنعوا الغياب والتأخير مثلاً، هل تصدقين ان ابنتي تأخرت يومين في شهر رمضان فتوجب عليها أن توقع ورقة تفيد بتأخرها، كما أن إدارة المدرسة لا تتساهل في الغياب على الاطلاق». وتواصل «الإدارة تفعل ما بوسعها لمنع تجاوزات الطلبة بكل أنواعها، بتشديدها على مسائل الغياب والتأخير ومنع استخدام الهواتف النقالة وغير ذلك. وتكرر «المدرسة تقدم كل ما يمكنها، أولياء الأمور هم الملامون في حال حدوث أية مشكلة، إذ إن عليهم متابعة أبنائهم حتى في داخل المدرسة وتوجيههم، وذلك لا يعني عدم الثقة في الأبناء». وتختتم حديثها قائلة: «استغرب ما يحدث ولا أستطيع استيعاب الأمور التي نسمع عنها، لكنني ارى في النهاية ان الأساس هو في التربية والنشأة الصحيحة»
العدد 1173 - الإثنين 21 نوفمبر 2005م الموافق 19 شوال 1426هـ