إن ما يشهده الشارع الكويتي هذه الأيام من مداولات بشأن مشروع قرار إسقاط فوائد ديون المتقاعدين، هو أمر أشبه بالهرج والمرج. كما أنه سفه ونهب من المال العام الذي ستبنى به كويت الغد، لقد بلغ السيل الزبى وتجاوز الباطل كل حدود حقوق الأجيال القادمة. فالمتتبع لجلسات مجلس الأمة الكويتية "البرلمان" يلحظ أن النواب في غالبيتهم يرتجلون القرارات من دون استشارات قانونية، والأسوأ من ذلك هو أن المعيار في اتخاذ القرارات أصبح "التكسب الشعبي" وليس تحقيق مصلحة الشعب، وشتان بين الأثنين. فالنائب الكويتي اليوم "يدغدغ عواطف" الناخبين، لذلك تراه يبحث عن قرارات يلعب فيها دور "البطولة" غير آبه بما قد يحمله قراره من ويلات على مستقبل وطنه أو حتى "سمعته الديمقراطية". فليعلم النواب الكويتيون أن أي خليجي حلم بمجلس أمة يمثل شعبه ويحفظ حقوقه كالبرلمان الكويتي "قديما"، تبخر حلمه برؤية الانحدار والتخلف الذي وصل له مجلس الأمة بفوز أسوأ من يمثلون الشعب الشقيق في تشريعاته. صحيح أن إسقاط القروض فيه مبالغة وتطرف ويخلو من الحكمة، إلا أن النواب لم يطرحوا ذلك إلا بعد حدوث تطورات في الموازنة دل عليه الكرم الكويتي على الأشقاء والأصدقاء والذي ظهر أخيرا من دون مراعاة لظروف البلاد الاقتصادية. فكم هي الملايين التي تنازلت عنها الكويت لإسقاط الدين العراقي، وكم هي الملايين التي دفعتها لضحايا إعصار "كاترينا" ومن بعده زلزال باكستان؟!. نحن لا نلوم النواب الكويتيين في مبالغتهم، فهم ليسوا الوحيدين في "المبالغة"؟ عموما من يدري، قد تثبت الأيام المقبلة أن كل ما يجري من صراع ظاهري بين السلطتين التنفيذية والتشريعية هي مسرحية يتم الإعداد لها، مازال جدول أعمال البرلمان يزخر بمشروعات قوانين تنتظر الحسم والتي من أبرزها مشروع قانون تطوير حقول النفط الشمالية".
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1172 - الأحد 20 نوفمبر 2005م الموافق 18 شوال 1426هـ