مئات السواق وجدوا أنفسهم ظهر أمس مجبرين على الاصطفاف في شارع الشيخ خليفة بن سلمان لأكثر من ساعة. والسبب أن الماراثون الذي نظمته بعض الجهات لم يتسع له من انحاء المملكة إلا هذا الشارع الأكثر ازدحاما وخطورة من غيره! لن ننتقد أصل فكرة الماراثون، ولن نختلف على ما توفره "الماراثونات" من جو رياضي يساعد مرضى السكر وغيرهم على التخلص نفسيا وجسمانيا من المشكلات التي يعانونها. ومن ناحية اخرى لن نتوسع في الحديث عن المظاهر المخجلة والمنافية للستر والاخلاق لكي لا تستباح وطنيتنا على صفحات نذرت نفسها للدفاع عن منابع التفسخ والانحلال. ولكن اهم ما نود التحدث عنه أمران، الاول بشأن ما جرى في ماراثون الأمس من تجاوزات على المستويين التنظيمي والأخلاقي. والأمر الآخر يخص أصحاب الأقلام والبيانات التي تقض مضاجعها مسيرة تطالب بحق هنا وتجمع جماهيري يدافع عن مبادئه هناك. أما على الصعيد التنظيمي فإن الجهات المنظمة ومعها إدارة المرور لم تكن موفقة في اختيار التوقيت المناسب وطريقة التنظيم المناسبة لاقامة حدث بحجم فعالية الامس. وان نجح بعض رجال المرور بحكمتهم في امتصاص غضب السواق فإن البعض الآخر منهم لم يجد طريقة أفضل من التهديد بتسجيل الارقام لتهدئة الابواق التي لم تتوقف. من ناحية أخرى، كان لابد من مراعاة أحاسيس الناس والابتعاد بالساحة عن الاستفزازات التي ربما تؤدي بنا الى الأسوأ. نحتاج اليوم الى ان نقدم برامجنا الصحية وغيرها بصورة تتواءم مع المجتمع البحريني. ولندرك انه ليس عصيا علينا ان نجاري الحضارة بثوب هويتنا. ونعود أخير ا الى المتمترسين خلف الأعمدة النارية وبيانات الشجب التي لا هم لها الا استقصاء الآخر في حرب أدنى ما توصف به "إرهاب فكري" يصادر الناس في هويتهم ومعتقداتهم، بينما يبيح لنفسه التربع على عرش قداسة الانتماء. أكثر ما نترقبه بضع كليمات نابعة من "حرصكم" الدائم على سلامة الوطن تنتقدون بها ما حصل بالأمس من إرباك سببه الماراثون وفاق في حجمه ما تحدثه المسيرات التي تصيبكم بالغثيان "الطائفي" كلما همت بالخروج. ولن تفعلوا.