هدف واحد للمنتخب الضيف وعرض سيئ من المنتخب المضيف كانا كافيين لضياع الحلم الوردي الذي داعب مخيلة كل محبي الكرة البحرينية من الخليج إلى المحيط لمدة ثلاثة أيام فقط وهي المدة الفاصلة بين لقاءي الذهاب والإياب. ثلاثة أيام كنا سعيدين جدا بمنتخبنا الذي قدم مباراة رائعة في أقاصي الدنيا وفي منطقة لأول مرة تطأ قدمنا فيها وبين الآلاف من الجماهير الترينيدادية وكنا نعد العدة لأن يتحفنا نجومنا بأداء راق آخر وهو يلعب على أرضه وبين جماهيره التي لم تبخل عليه بالمساندة وطار بها الحماس الى ملعب المباراة علها تجد لها مكانا لتساند اللاعبين وتشد من أزره وتزفه إلى العرس العالمي المنتظر في ألمانيا العام المقبل لكن شيء من هذا لم يحدث إذ قدم المنتخب أسوأ أداء له منذ 4 أعوام ولم تكن الجماهير تنتظر هذا الأداء السيئ في هذه المباراة بالذات.
"لاكنا" لوكا
سأذكر الجميع بالمقال الذي كتبه رئيس القسم الرياضي في صحيفة "الوسط" عندما تعاقدت إدارة الاتحاد البحريني لكرة القدم مع المدرب البلجيكي لوكا والذي حمل عنوان "قبل أن يلوكنا لوكا"، إذ طرح فيه عدة اقتراحات بشأن التعاقد مع مدرب جديد وحذرهم من رد الفعل السريعة على حساب التفكير السليم، وأعتقد أن المنتخب دفع ثمن غرور لوكا الآن. المدرب لم يكن صريحا ولم يكن واضحا، والتشكيلة التي خاض بها اللقاء تحمل في طياتها الغموض مثله تماما، فكيف يقول إنه لعب للهجوم والقائمة تزخر بالمدافعين، كيف لعب للهجوم وعلاء حبيل الذي كنا ننتظر الفرج من قدميه قد تم اسناد مهمة صنع اللعب له، وما هي الاستفادة من الزج بمحمد حبيل في وسط الملعب وهو المعروف بخطورة انطلاقاته من في الجانب الأيمن، إذ سلمنا بأن ما قام به لوكا صحيحا لماذا لم يغير من طريقة لعبه بعد الهدف الذي دخل مرمانا، ما شاهدناه ما هو إلا اجتهادات من اللاعبين من دون خطة أو طريقة لعب مفهومة يمكن استخلاصها من أداء الفريق. ولم تكن إجابات لوكا على أسئلة الصحافة التي يحتقرها في المؤتمر الصحافي شافية للغليل، إذ إن أكثر ما ذكره كان عكس الواقع الذي رأيناه داخل الملعب.
مكافآت الخروج!
وإذا كان جلالة الملك المفدى عوض اللاعبين بعد خروجهم المذل والعرض السيئ الذي قدمه المنتخب بمنح كل لاعب فيلا و20 ألف دينار، فمن سيعوض 40 ألف متفرج كلما احتشدوا في ذلك الاستاد المتهالك للاحتفال بفريقهم خرجوا محبطين، وبعضهم يذهب مباشرة إلى المستشفى لقياس ضغط الدم والسكر لديه، وبدلا من الاعتراف بقيمة هذه الجماهير ورد الجميل لها بتقديم الأداء الذي يطربها أصبحت تلقى عليها شماعة الهزيمة وترديد اسطوانة الضغط الجماهيري بعد كل هزيمة وكل إخفاق، والسؤال هنا: أليس الجمهور هو جمهوركم ووجوده في الاستاد منذ وقت مبكر لدعمكم ومساندتكم؟ هل يعقل ألا نحقق أي انتصار على أرضنا ونريد أن نزاحم عمالقة العالم في مونديال ألمانيا؟ هل يعقل أن يظهر المنتخب بمستوى رائع أمام الجماهير التي تقذفه بالحجارة والقارورات وتكيل لهم الشتائم، وبين جماهيره التي تتغنى به وبنجومية لاعبيه يقدم أسوأ العروض، هل يريد اللاعبون أن تلعب المباريات خارج البحرين حتى يستريحوا من الضغط الجماهيري؟ أم يريدون أن تهتف الجماهير للفريق المنافس حتى يشعروا بأنهم غرباء ويقدموا أفضل مستوياتهم غريبة!
مدرب عالمي
ومن أبرز الأسباب التي ساهمت بظهور المنتخب بهذا الشكل هو غياب ثقافة تأهيل اللاعبين نفسيا لمثل هذه المباريات الحاسمة، ووضح فشل مسئولي المنتخب أكثر من مرة في تأهيل اللاعبين إلى كيفية الوصول إلى القمة، فخسرنا كأس العرب أمام السعودية ثم كأس الخليج وكأس آسيا وكأس الخليج مرة أخرى وها نحن خسرنا فرصة العمر التاريخية في التأهل لكأس العالم. المطلوب الآن من الاتحاد البحريني وقفة صادقة مع النفس ومع الجماهير، ومع تقديرنا لجهودهم التي بذلوها ومع إيماننا بأن كل شخص يعمل يخطأ، إلا أننا يجب أن نستفيد من خطأنا والمرحلة المقبلة تتطلب وجود مدرب عالمي فاهم معنى كرة القدم ومعنى تهيئة الفريق، وكلنا رأينا مدرب ترينيداد الذي لم يتأثر بنتيجة الذهاب وجاء الى البحرين وكله ثقة بالعودة بنتيجة إيجابية، وأتذكر قوله في المؤتمر الصحافي قبل المباراة عندما قال: "أنا ليس من الذين يهتزون بمثل هذه النتائج"، لماذا لا نملك مدربا بمثل هذا المستوى والتفكير! هذا المدرب صنع فريقا كان في وقت قريب يهزم بشر الهزائم في مجموعته وقاده الى النهائيات بخبرته وحنكته.
العدد 1169 - الخميس 17 نوفمبر 2005م الموافق 15 شوال 1426هـ