العدد 1169 - الخميس 17 نوفمبر 2005م الموافق 15 شوال 1426هـ

الإعلامية التي نريدها

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

استبشرنا خيرا عندما تم افتتاح مركز الأخبار الجديد بتلفزيون البحرين، البشرى جاءت من وحي أن هذا المركز سيعمل على استقطاب واستغلال الكوادر الوطنية أولا، وسيساهم بشكل واضح في امتصاص جزء من البطالة المستشرية في صفوف العاطلين عن العمل الجامعيين منهم وغير الجامعيين، ولكن يبدو أن علينا أن نتذكر دائما المثل الشعبي الدارج "عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب" ولكن لا نعلم إلى متى نظل تحت تأثير هذا المثل الشعبي الذي كتب علينا أن نعيش أصداءه طويلا، نعم تسقي البعيد وتترك القريب إذ إنه فاحت رائحة تبني الكوادر غير الوطنية في هذا المشروع تحديدا وواضح جدا إننا نعاني من أزمة حقيقية وهذه الأزمة تتحدث عن عدم القدرة على الثقة بالبحريني وبمدى قدرته وبمدى كفاءته وبمدى قدرته على التطوير والتغيير إذا ما أراد. المجتمع البحريني معروف عنه بأنه مجتمع محافظ وملتزم ولكن المشاهد من خارج البحرين لا يمكنه رسم صورة فعلية لواقع المجتمع البحريني وهذا بطبيعة الحال له جملة من الأسباب والمسببات والتي من بينها والتي لها علاقة مباشرة بالموضوع التي أتحدث عنه الوجوه العتيقة والتي تبرز دوما على الشاشة الصغيرة "التلفاز" أقصد بذلك الإعلاميات المسيطرات على تقديم البرامج المتنوعة والتي تخلو من وجود إعلامية واحدة على الأقل محجبة وملتزمة بالضوابط الشرعية وكأن البحرين تخلو من وجود إسلاميات يرتدين الحجاب وبالتالي لا يمكن إبراز هذه الوجوه على الشاشة، منذ شهور بسيطة مضت كنت قد حضرت لمؤتمر "الإعلامية العربية في مواجهة المتغيرات" نظمه مركز الإعلاميات العربيات/ الأردن "عمان"، ركز المؤتمر على الكثير من المحاور المهمة والتي من بينها محور الإعلامية التي نريد والإعلامية التي لا نريد، تذكرت فورا واقع الإعلامية البحرينية المشوه، وعندما تم ذكر المواصفات والاشتراطات المهمة والتي يجب أن تتوافر في الإعلامية، بدأت أضحك ساخرة في محاولة مقارنة الواقع المعاش بالذي يجب أن يكون عليه، وتلمست السياسة الفوقية التي تفرض نفسها أينما حلت وحطت ضاربة بعرض الحائط مشاعر الآخريين معتمدة بشكل كبير على الإقصاء والتهميش إرضاء لرغبات شخصية وذاتية، وإلا ما الذي يجعل الإعلامية الملتزمة والمحتشمة من البروز والظهور على الشاشة الصغيرة في تلفزيون البحرين؟ سؤال كبير يحتاج الوقوف عليه، هل المرأة المتحجبة والمحتمشة على سبيل المثال تنقصها الكفاءة أو المؤهل العلمي الذي يؤهلها لأن تكون إحدى الإعلاميات؟ أم أنها تمتلك مؤهلا ولكنها ينقصها الحضور المتميز؟ أم أنها لا تمتلك القدرة على الاتصال والتواصل مع الجمهور؟ أم تراها لا تمتلك قاموسا لغويا يعينها على تحقيق ما يطلب منها من أداء، بل ربما ينقصها الجمال أو الاهتمام بالجوانب الجمالية لكي تبدو أجمل حتى تسر المشاهد الكريم؟ أو هل يعيبها أداؤها كأن تكون عاجزة عن إدارة دفة حوار؟ هل أن ثقافتها لا تساعدها كثيرا على تحقيق الأدوار والمهمات المطلوبة منها؟ هل أن وجود المرأة الملتزمة والمحتشمة يعيب وزارة الإعلام إذا ما ظهرت؟ هل واجب علينا أن نبرز الاعلامية المتبرجة فقط والتي تعمد إلى تلوين وصبغ وجهها بمساحيق التجميل ومتكلفة بملابسها وبمظهرها إلى حد كبير متشبهات بالغربيات لكي نقتنع بأننا نقدم الأفضل لمشاهدينا؟ مع العلم بأن المجتمع البحريني عموما مجتمع محافظ ومتدين وبالتالي يهفو إلى وجود ما يمثله على الشاشة حتى نستطيع إعطاء المشاهد من خارج البحرين صورة قريبة من الواقع المعاش ليس المطلوب منا تضليل الجمهور أوغشهم لا سمح الله. نريد أن نجيب على بعض تلك الأسئلة حتى نستطيع أن نعذر الوضع الراهن، علينا أن نقتنع بأن جوهر الأداء لا يتحقق ولن يتحقق من خلال التمسك بأمور سطحية قد تكون متعلقة بالأمور الجمالية على رغم أهميتها ولكن لا يمكننا تأطير الجمال بالتبرج والسفور والابتعاد عن الحشمة، فالجمال وحده ليس هو الجسر الوحيد الموصل إلى قلوب المشاهد، ولكن قد تبدو الثقافة واللباقة وغيرها من المقومات الأهم. تلفزيون البحرين وللأسف الشديد يفرض علينا سياساته البيروقراطية والتي ما عادت تصلح مع الإصلاحات المنشودة، يفرض علينا أن نحاصر أنفسنا في المذيعة المتبرجة، والأسباب مجهولة، أو ربما تكون غير مقنعة وبالتالي لا يمكن لها الصمود، ليس الهدف من إثارة هذا الموضوع التركيز بشكل أساسي على الشكل ولكن ما يهمنا أيضا النوع، فنحن لا نريد اعلامية تمتلك رصيدا لا بأس به من الجمال بينما شخصيتها قد تتسم بالضعف أو التحيز أو قد تكون متملقة أو ثرثارة. نريد إعلامية تتلون بالتنوع الفكري والمعرفي لا بألوان المساحيق التجميلية الهشة التي لا تسمن ولا تغني عن جوع، تتسع كلماتها لتصل إلى كل فئات المجتمع، قادرة على إدارة الملفات والقضايا التي تولد من رحم المجتمع، نريدها جسورة قوية تبدع وتقدم كل ما هو متطور ومرغوب فيه، لا نريد إعلاميات يعكسن رأيا واحدا أوحد نريد تمثيلا لكل التلاوين والأطياف، إذا كانت المرأة المتبرجة تتصف بكل ما هو مهم لدورها كإعلامية فلنا أن نقبل بذلك وعلى مضض، لأنه لابد لنا من العمل على إعداد الكوادر الملتزمة والمحافظة، ولكن إذا وجد بأن الملتزمة أيضا تتقن الدور المطلوب منها وجب علينا أن نبرز دورها بشكل يتناسب مع حجم استعداداتها، لا أن نخير الملتزمة بين أن تبقى على حجابها أو حصولها على وظيفة تليق تظهر من خلالها في الشاشة الصغيرة، حرام محاصرة الناس في أرازقهم أو حتى ابتزازهم، فقد سمعت من خلال عدة مصادر مطلعة بأن وزارة الإعلام في طلب جريء جدا تخير الإعلاميات بين بقائهم بالالتزاما بالحشمة "الحجاب" وهذا يعني حرمانهم من الحصول على وظيفة لهن على الشاشة أو العدول عنه وبالتالي سبيلهن الارتقاء والمستقبل الواعد. * كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1169 - الخميس 17 نوفمبر 2005م الموافق 15 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً