آرل، مدينة عريقة، ومركز حيوي في منطقة كارماغ، تستقبل طيلة الصيف ملتقى التصوير الذي ينظم بين جدرانها منذ حوالي 40 عاما. كانت مدينة آرل في عصر يوليوس قيصر مركزا مهما لمقاطعة الغال الرومانية، والدليل على ذلك تحصيناتها، ومسرحها القديم، وميادين المصارعة فيها التي تعود الى القرن الأول أو الثاني، طبعت المدينة منذ القرون الوسطى وحتى الفترة الانطباعية حركات فنية عدة كما يبدو في كاتدرائيتها العظيمة، إحدى تحف المدرسة الرومانية في منطقة البروفانس، والدير التابع اليها الذي يعود الى عصر النهضة، مر عدد كبير من الفنانين بمدينة آرل، وعاش فيها الرسام فانسان فان غوغ، مدينة غنية بماضيها، كان بامكانها ان تستغل الفرصة وتعيش على الأمجاد لكن الرياح هنا قررت مجرى آخر. كل صيف ومنذ 30 عاما، تستقبل مدينة آرل لقاءات التصوير الدولية، بمبادرة ساهم بها الكاتب ميشال تورنيي، تضع هذه التظاهرة الصورة في مرتبة الفن، وتمثل تحديا في إعدادها، ففي باريس مثلا، تقدم مراكز "جو دو بوم" و"الدار الأوروبية للتصوير" ومركز بومبيدو منابر لمبدعين مكرسين، لكن هنا في آرل يدون كل عام فصل من تاريخ التصوير. وتظهر معارض متعددة الأنواع والأساليب تنوع البحوث التشكيلية. على رغم بعض المنافسة، تتواصل هذه اللقاءات طارحة دائما أسئلة كثيرة، وتعرض كل عام تجارب فنانين مبدعين ومختلفين من حيث النوع والاسلوب. يعمق المشاركون في هذه المهرجانات معارفهم وأفكارهم عبر التنقل بين الغاليرهات الموزعة في المدينة أو عبر المشاركة في المؤتمرات وفي الدورات التدريبية التي تنظم في اطار هذه التظاهرة. في مدينة آرل، ثمة محاولة لمفاجأة المصور الهاوي أو المحترف وتعريف لشبيبة المنطقة أو لمناطق أخرى بفن التصوير، فالتظاهرة منفتحة على الجميع وتقدم صورا شاملة عن هذا الفن، ودولية أيضا لأنها تستميل فنانين من جميع أنحاء العالم. راسخة في المنطقة يستفيد منها السكان، فبعض المعارض تتواصل حتى ما بعد تاريخ انتهاء الملتقى الوطني وحتى سبتمبر/ أيلول بغية الاتاحة للتلامذة زيارتها مع العودة الى المدارس، تحظى المواهب الشابة من المركز الوطني العالي للتصوير في آرل، المدرسة المعروفة عالميا والتي تحتفي هذا العام بذكراها العشرين، بمنبر خاص بها وتعرض بعض الأمكنة أعمال المبدعين.