سألت قبل أيام أحد المسئولين العراقيين رفيعي المستوى الذين زاروا البحرين بشكل مباشر "هل تأملون كثيرا من مؤتمر المصالحة الذي تنظمه الجامعة العربية الأسبوع المقبل في القاهرة؟"، فكانت إجابته واضحة لا تحتمل التأويل: "نعول كثيرا على ابناء بلدنا" مع ابتسامة خفيفة كانت بمثابة الشق الثاني من الجواب الذي لم يشأ أن يقوله المسئول بشكل مباشر. .. "لا نعول شيئا على المبادرة" ما يؤكد كلام أو "تشاؤم" المسئول العراقي ما سمعته مباشرة عبر احاديث تلفونية أو بريد الكتروني خلال الأسبوع الماضي مع اكثر من طرف وجهة سياسية وإعلامية من داخل العراق بشأن الموضوع نفسه، من عدم تفاعل أو "تفاؤل" غالبية من تحدثت اليهم بل ان معظمهم لا ينتظرون نتائج أو مقررات من هذا المؤتمر الذي يعقد خارج حدود الوطن، وكان للجميع اسباب ومبررات تختلف عن الآخر طبعا. ومن هذه الاسباب، ان جميع الاطراف ستذهب لمؤتمر القاهرة وهي محملة بشروط كثيرة واشتراطات أكثر في مؤتمر"يصر" منظموه على انه يعقد بلا شروط مسبقة. كذلك إن الجميع سيذهب مع نية مسبقة بعدم التنازل عن أي مطلب مهما كان، خصوصا وان كثيرا منهم يعتقد ان أي تنازل يقدمه سيعتبر على انه هزيمة واعتراف مسبق بمسئوليته عن اصل المشكلة وبالتالي سيأخذ كثيرا من جرفه الانتخابي، أما السبب الآخر فهو أن أطرافا عراقية كثيرة لا تثق بالجانب المنظم سواء كانت الجامعة العربية التي دعت أو ساندت هذه الفكرة وتظن بها الظنون، أما الأطراف الأكثر تشددا فترى في هذا المؤتمر أنه مجرد "حبل" إنقاذ للقوات الأميركية لا أكثر. وأيا كانت الأسباب والمبررات، أعتقد أن تفويت فرصة المصالحة والمكاشفة الحقيقية في القاهرة وعدم فتح كل الملفات بنية صادقة سيكون خطأ استراتيجيا للجميع يجب عدم ارتكابه مهما كانت التضحيات والتنازلات المطلوبة، قادة العراق الجديد أمام امتحان حقيقي وصعب، عليهم أن يضعوا الوطن نصب أعينهم، فلا قيمة لانتصار طرف او فئة او تيار بلا العراق ولا غلبة تحسب لأحد من دون العراق.
إقرأ أيضا لـ "فاضل البدري"العدد 1167 - الثلثاء 15 نوفمبر 2005م الموافق 13 شوال 1426هـ