العدد 1166 - الإثنين 14 نوفمبر 2005م الموافق 12 شوال 1426هـ

أمة تحرق أصابع مبدعيها لتنام على الرماد

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا أعجب ان أرى الماغوط غريبا أو أرى الجواهري متسكعا في محطات الغربة يرتل في وطن: يا دجلة الخير يا أم البساتيني حييت سفحك عن بعد فحييني. وذات يوم وقف الجواهري جهة العراق باكيا وهو يعزف حزنه متشوقا لنقيق الضفادع قائلا: أرأيتم شاعرا يحن إلى نقيق الضفادع انها تذكرني بدجلة والدار هذه الأمة مأخوذة بالشعارات والعواطف والعنتريات السياسية. أمة بلا عقل، أمة تكره الإبداع أن يتحول إلى ذهب لأنها تريد ان تعيش في الرماد. أوطان تغتال العقول وهمج رعاع يستثارون نحو اللون الأحمر ولو كان مؤذنا بعتمة ليل فيزدادون بؤسا على البؤس. أمة تقود عرباتها أحصنتها، وفرسانها بين نازف تحت مقصلة أو مصلوب على جدوع الجهل. أمة يقودها الجهلاء والانكشاريون ومستنيروها مصلوبون على أعواد مشانق التخلف والجهل. أمة تبحث عمن يدجل عليها ليريها السراب ويجمل لها القبح. تستكثر على نفسها ان تكون قائدة في المعرفة والحضارة. كم كاتب حرق أصابعه الجهلاء وكم فنان رشقت لوحاته بالحجارة وكم عبقري حزم أمتعته وهاجر لأن الوطن تحول له إلى منفى والمنفى إلى وطن! يعلمنا التاريخ ان الإمام عليا اتخذ له من البئر صديقا يشكو همه له وتارة يصرخ في الصحراء لأمة كرهت عبقريته ويا لروعة العقل يصرخ فيهم: سلوني قبل ان تفقدوني، فيقولون: كم شعرة في رأسك؟ هذه أمة الشعرة وسؤال الشعرة... أمة إعرابي راح يدعو: اللهم وفقني فقط انا ومحمدا. لا عجب ان يموت الحسين ظامئا وبجواره شط الفرات أيصدق العقل ان يموت إنسان ظامئا وبجواره شط الفرات؟ تلك هي الشعوب تبحث عمن يضحك عليها ويسكرها بالأوهام. باسم الخوف على الشعب الاثيني نفي أرسطو إلى آسيا الوسطى، باسم الخوف على الشعب اليهودي أرادوا صلب المسيح فرفعه الله. أمة قتلت الحلاج بعد ضربه 100 سوط، ثم قطع لسانه وأطرافه قطعة قطعة. باسم الخوف على الشعب الفرنسي قطع رأس أفضل الناس "لافوازييه" ابي الكيمياء الحديثة وقتل كوندرسييه ليقال له: "الثورة لا حاجة لها بالعلماء". ليس غريبا ذلك، فأكثر الحركات يقودها من لا اتصال لهم بالعلم والثقافة، لذلك كثرت مآسي الشعوب. مجتمعات يفكر عنها بالوكالة، إلى الآن لم تحزم أمرها لتقول ماذا تريد بالضبط. كل الأمم تقدمت ونحن إلى تراجع، كل فئة حسمت أمرها ونحن إلى تقهقر. "إسرائيل" تستوطن العقول ونحن يا عرب نعاني نزيف العقول وهجرة الأدمغة الذهبية والمفكر في العالم العربي بين مجتمع يسأل عن الشعرة ونظام عربي يفجر العمالقة. محمد عبده، يقول: "ان المسلم الجائر إسلامه له وجوره علينا في حين ان الكافر العادل كفره عليه وعدله لنا". قتل العقاد وآن للعرب أن يعقدوا "عرس الشهادة" للقتل سواء في الأردن أو غيرها. نعم، لتخدير الوعي لصناعة الكراهية. هكذا يسوق للذات! نعم، قتلنا العقاد الذي دافع عن إسلامنا 50 عاما في استوديوهات هيلوود. قتلنا العقاد الذي زرع في قلوبنا بفيلم "الرسالة" عظمة هذا الإسلام الغريب. ذبحنا العقاد الذي أبكانا على عمر المختار. آه على هذا الزمن الرديء تعسا لنا كيف نقتل فراشة أرادت أن تطير لتجمل الكون بألوانها؟ دموعنا نذرفها على أنفسنا فلم نقطع الا لحومنا ولم ننهش الا أجسامنا ولم نفر إلا ابداننا في سنة واحدة في العراق قتلنا الحكيم فلم يوضع في كفنه إلا اصبع واحدة وفي لبنان ذبحنا الحريري هذا الحلم الكبير لأنه رفض ان يدل وفي الأردن مزقنا جسد العقاد وابنته

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1166 - الإثنين 14 نوفمبر 2005م الموافق 12 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً