العدد 1166 - الإثنين 14 نوفمبر 2005م الموافق 12 شوال 1426هـ

من شاطئ الجفير إلى صيدلية السلمانية!

على شاطئ الجفير قرب مسجد الفاتح، وقفت سيارة بيضاء حديثة الطراز والمحتوى، الطقس يحدد خيارات إطفاء محرك السيارة أو إبقائه لمدة لا تقل عن الثلاثين دقيقة ولا تزيد عن الساعة! لطور العلاقة تأثير وللجرأة تأثير أكبر. ثمة مساحة كافية من الضوء الذي تركته الشمس خلفها، كما أن كومة الرمل في محاذاة الشاطئ هي ستر، هناك اتفاق قديم بين كل سيارة واقفة والسيارات المقبلة أن يراعى الضيوف الجدد حرمة المسافة أو سرقة النظر، فإن كانت الفواصل مناسبة يمكنك البقاء، أما إن كانت السيارات متراصة نسبيا فعلى المقبل أن يبحث له عن مرقد آخر. كنت في الخلف عند كومة الرمل، وبالطبع وحدي! حاولت تتبع المشهد، السيارة البيضاء تصدح منها إحدى أغنيات "وائل كفوري" ولعل صوت وائل كفوري هنا هو أيضا بمثابة الستر عن أصوات أخرى! ثمة قبلات خاطفة ألمحها من خلف السيارة، سيارة أخرى رفيعة لن أذكر نوعها خوف الدعاية للشركة الصانعة يحجب ارتفاعها أن أرى ما يجري فيها، لا أدري إن كانت تحتوي راكبا أم اثنين، كشف الغطاء للتو، زجاجتان داكنتان تلقيان من السيارة، ثمة اختباء من نوع آخر هنا. الغريب أن هناك نظاما ينظم هذه الحياة عند الشاطئ، ولا أعتقد ان جهازا أمنيا قد نظم هذه الآفاق من الاختلاءات والقبل السريعة والزجاجات الملقاة على الرمل، هناك من يحاول أن يبحث له عن مكان بين هؤلاء، الوقت يداهم الرجل نوعا ما، إنه لا يخترق قانون الشاطئ، ها هو يغادر بحثا عن مكان آخر. ضيف جديد لا يمتلك الكثير من اللياقة، يوقف سيارته قريبة من السيارة البيضاء، السيارة البيضاء تتحرق مغادرة! ثمة خرق للقانون من دون مراعاة للنظام، السائق يفتح الباب وينزل بهدوء ممل، يشعل سيجارة بعصبية، لعله متضايق! يتقدم إلى الشاطئ، ينزل إليه بهدوء، تأكدت النبوءة، الضيف الجديد يحتاج إلى الشاطئ بوصفه عالما من "الحزن"، لعل الرجل مخدوع في حبيبة "خائنة"، أو لعله يعاني من بعض المشكلات من مديره العديم الفائدة والمعرفة، خطوات الرجل تدل على المعرفة والعمق، وهي بطبيعة الحال دلالة على الفقر والحزن. "هندي" أو ما شابه يتمشى على استحياء على مسافة محترمة من السيارات، يحمل معه قوارير ماء مثلجة، لعله واحد من الآلاف الأجانب الموجودين في البلاد لا لشيء سوى بيع المثلجات في الشوارع أو باقات الزهور عند الإشارات الضوئية، فهذه التجارة بالذات تجارة "مربحة"، فأي رجل لا يدفع "نصف دينار" أمام زوجته ليهديها عقدا من ورد الياسمين! أي عالم تحتويها هذه الشواطئ، وأية أشياء هنا سأكتبها لو جلست طوال اليوم، إلا أنني مطالب بالعودة إلى عالم المستشفى، فالكثير من المرضى سيمرضون هذه الليلة تحديدا، يقال إن السيد "نون" سيكون رفيق النوبة الليلية، وهو متهم على الدوام بأنه "يجلب المرضى"! على رغم أنه في الحقيقة رفيق مميز لليلة يمتد فيها العمل من دون توقف حتى الساعات الأولى من الصباح، فعالم المستشفى عالم لا ينتهي. عالم به الكثير من هذا الشاطئ. إلا أن أكثر ما يتكرر علي من الشاطئ هو أن ثمة من سيأتي شاكيا من الحب "حالات انتحار الفتيات"، أو من سيأتي لاصطدامه بمنزل ما جراء الزجاجات الداكنة، وسيأتي طبعا من يطمع في بعض الحبيبات التي تنسيه هموم الدنيا "المدمنون"! وفي تلصصي على هؤلاء حكمة، هي أنني سئمت من الكتابات الجادة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً