شئنا أم أبينا، فإن قانون الأحوال الشخصية المختلف عليه أو على ضماناته... لا يهم... هو حدث مهم وبغض النظر عن حيثيات الموضوع نفسه من مؤيد ومن معارض ومن ضايع في الطوشة! يبين كيف للساحة البحرينية من تراكمات خطيرة وكم تحوي من خطورة لكثر الجمر المدفون تحت الرماد، وكيف هي نتائج حلول المسكنات والمراهم والمهدئات من دون الولوج إلى وضع حلول جذرية من شأنها أن تحل المشكلات والمعضلات إلى تعقيدات أكثر ومشكلات أكبر.
سياسات لربما توصف بأنها خاطئة في التعامل مع كثير من الأزمات، تبدأ بشكل صحيح وتصل الى طريق منقطع، ولكم في حوار الجمعيات مثال ساخن.
لربما يتبجح بعض الكتاب الصحافيين في التعبير عن كثر المسيرات والاعتصامات عن كبر حجم الحريات والديمقراطيات المنتشرة والمعطاة في البلد من غير حدود... بل الأجدى أن يحسبها من زاوية أخرى في كبر حجم المنغصات والحقوق الضائعة والمسلوبة، وعن غبن اجتماعي منتشر في أوساط كل شرائح المجتمع من غنيهم وفقيرهم، كل له غبنه الذي يشكو منه! لأن المشكلات والأزمات في ازدياد وفي تعقيد والحلول وأشباه الحلول واقفة تماما، ولكم في الكويت مثال مقنع... فكم هو حجم حرياتهم التي يتمتعون بها وهل تجد لديهم اعتصامات ومسيرات حقوق ضائعة ومسلوبة مثلنا؟!
إن المتتبع للشارع البحريني وفي نظرة تحليلية بسيطة يرى أن حتى المعتدلين الذين كانوا يعولون على المسكنات والمراهم التي تطرحها الحكومة على الشعب في التعامل مع أزماته طفح بهم الكيل وتحول خطابهم من معتدل إلى خطاب لا يشوبه الشدة والتفكير الجدي في استخدام ورقة الشارع (لو أنهم بدأوا يستخدمونها فعلا) التي كانوا يهددون بها، ومن فرط تعويلهم الايجابي على تلك المهدئات قد فقدوا شيئا من هذا الشارع الذي سرعان ما يعود إليهم مع أي تحرك فعلي على الساحة.
فإلى فترة سابقة لم تر تفاعل المتضررين في كثير من الاعتصامات والمسيرات، ولكنك ستراهم... وستراهم في ازدياد هذه الأيام التي تعتبر ساخنة جدا في الشارع، فالمواطن قد مل الخطب والمهل... المواطن مل من كثر الفرص الضائعة وبدأ يكفر بالقضية... ولكنه لن يمل المشاركة في المسيرات التي تعبر عن رأيه وهمومه ومشكلاته وحقوقه الضائعة، إنه على استعداد التضحية بل حتى الخسارة، كونه لم يربح شيئا حتى يخسر أصلا!
فالحالة التي وصل إليها الشارع البحريني تنذر بالخطر فعلا، فكل صاحب قضية صار يصرخ من جهة... فالعاطلون من جهة والمطالبون بالتغييرات الدستورية والمتعاطفون معهم من جهة أخرى، ومتى ما صار الكل يصرخ فالوضع يعني أنه في تأزم، فلن تكفيه المهدئات والمراهم بل لربما يجب البتر الآن وليس غدا.
إضاءة
الحشود التي تتجمع تجاوبا مع القضايا المطروحة من خلال الندوات والمسيرات الأخيرة بها أكثر من رسالة... وإلا ويش رايكم؟
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1165 - الأحد 13 نوفمبر 2005م الموافق 11 شوال 1426هـ