العدد 1165 - الأحد 13 نوفمبر 2005م الموافق 11 شوال 1426هـ

خراب... لا إصلاح

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

يبقى السؤال: ماذا تريد الولايات المتحدة من المنطقة العربية/ الإسلامية؟ الإصلاح، التغيير، تحطيم البنى التحتية، تقويض الدول، أم إعادة هيكلة خريطة "الشرق الأوسط" السياسية لضمان أمن "إسرائيل"؟ حتى الآن واشنطن غير واضحة في سياستها العامة. فهي تقول كل الأشياء وتقول غيرها وضدها في آن. فهل إدارة "البيت الأبيض" حائرة وضائعة في اختياراتها الاستراتيجية أم هي تتعمد اطلاق تصريحات متعارضة للتشويش على الرؤية؟ وهل من المعقول أن تتظاهر دولة كبرى تملك كل الإمكانات المالية والعسكرية والمعلوماتية بعدم الفهم وترتكب الأخطاء القاتلة ولا تعتذر عنها أو لا تسير في اتجاه معاكس لتتجنب تكرارها؟ أسئلة محيرة، ولكن أساس الحيرة يقوم على عدم وضوح الرؤية النظرية في الاستراتيجية الأميركية. فهذا الإرباك يعود سببه إلى ذاك الارتباك الحاصل في أقوال المسئولين في واشنطن. إلا أن الجواب العملي هو المؤشر الواضح في ذاك السلوك المتعرج. فالسياسة العملية هي الدليل الذي نمتلكه لتغليب هذه الرؤية على تلك. وحتى الآن كما هو واضح من برنامج الولايات المتحدة منذ إعلان الحرب على ما تسميه "الإرهاب الدولي" ان واشنطن تميل إلى تغليب الحل العسكري على الحلول الأخرى. كذلك تشير كل التصريحات إلى أن الرؤية الأمنية هي التي تسيطر على كل الاتجاهات الأخرى من سياسة واقتصاد ومصالح وتوازنات. الإدارة الأميركية تقول الكثير من الأشياء يوميا. ولكن بين الكلام والفعل توجد سياسة عملية واحدة بدأت في العام ،2001 وهي لاتزال سارية المفعول إلى الآن. حتى الرئيس جورج بوش لم يتردد في إعلانها وتكرارها بمناسبة ومن دون مناسبة. فهو يؤكد أن قواته لن تنسحب من العراق والمنطقة قبل تنفيذ إدارته كل الأهداف التي حددتها. وحديثا، أخذ يكرر مقولة "الانتصار الكامل"... وهذا يعني أنه لن يخرج من المنطقة قبل تحقيق ذاك الانتصار. ماذا يقصد بوش بمقولة "الانتصار الكامل" ومن هي الجهة التي يريد الانتصار عليها، وكيف، ومتى؟ مراجعة الخطابات الرسمية لا تكفي لتوضيح المقاصد من تلك المصطلحات. فالخطابات أحيانا تشوش الرؤية ولذلك لابد من قراءة السياسة العملية وسيرة واشنطن في المنطقة من أفغانستان إلى العراق. فالواقع يشير إلى وجود صعوبات كثيرة تعاني منها قوات الاحتلال، إلا أن الاتجاه العام لم يضغط بقوة حتى الآن لفرض الانسحاب الشامل كما حصل في حرب فيتنام. فالرئيس الأميركي خائف من تكرار تلك التجربة الفاشلة ولذلك يطرح دائما فكرة "الانتصار الكامل" كبديل عن "الانسحاب الشامل"، وردا على الضغوط الداخلية التي تطالبه بإعادة النظر في مواقفه الدولية... وسياسته الهجومية على العرب والعالم الإسلامي. حتى الآن، مقاصد بوش من تكرار مقولة "الانتصار الكامل" غير واضحة. الانتصار ضد ماذا ومن؟ هل يقصد الانتصار على "الإرهاب" الذي ازداد كما ونوعا منذ العام ،2001 أم يقصد الانتصار على الأمية والجهل والفساد والدكتاتورية في المنطقة العربية/ الإسلامية؟ كل سؤال يختلف عن الآخر، كذلك الأجوبة. فإذا كان يريد قطع رأس الإرهاب، لماذا تحارب واشنطن أنظمة تضررت كثيرا من أفعال الإرهابيين؟ وإذا كان بوش يريد فعلا استقرار المنطقة وإصلاحها ونشر "الديمقراطية" في دولها فلماذا يلجأ إلى تحطيم البنى التحتية وتقويض الدول وزعزعة أمن المنطقة والتهديد بالمزيد من الحروب؟ فهل تطوير الشعوب وتحديث الأنظمة يحتاج إلى خلخلة الحياة العامة للناس وتعطيل المؤسسات والمدارس وتدمير محطات الاتصال والكهرباء والمياه وشبكة الطرقات ومعاهد التدريب والتعليم وحرق المكتبات ونهب المتاحف واغتيال العلماء؟ كيف يقوم الإصلاح والتطوير والتحديث على قاعدة التحطيم والتدمير وزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى؟ السياسة العملية إذا، تكشف الحقيقة وتوضح الجانب الخفي من تلك التصريحات المتعارضة التي تطلقها واشنطن بشأن المنطقة العربية/ الإسلامية. فالولايات المتحدة وبناء على الوقائع الجارية ارتكبت كل الأخطاء "عمدا أو من دون قصد" التي لا تؤدي إلى الإصلاح كما تقول، بل إلى الخراب كما تفعل

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1165 - الأحد 13 نوفمبر 2005م الموافق 11 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً