العدد 1164 - السبت 12 نوفمبر 2005م الموافق 10 شوال 1426هـ

الفنان زهير السعيد قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار الفني

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تدثرت بعباءة الفجر في الهزيع الأخير من الليل، عازفا بقيثارة شعري بيتا يكتنز ولادة ضوء من الشعر، نظمته ذات يوم قائلا: إن العظيم وإن تحطم سيفه يرنو إلى قمم الكفاح ويطلب عاشوا بعيدا عن ديار أحبة فعن الطلول تشردوا وتغربوا بؤساء عاشوا والضمير محلق بالكبرياء متيم ومعذب هذه الأبيات تذكرتها وأنا أشاهد عبقرية فنية للتو قد اكتشفتها. هي عبقرية الفنان البحريني زهير السعيد. قامة بحجم الأهرام علوا وشموخا، وريشة بطول سور الصين العظيم، تحدي واقتدار، أوطعن في الأرض ثباتا وإصرارا. على رغم عتمة الليل وقساوة الزمن وتواري الصديق، كنت قد كتبت عن المواهب البحرينية، تلقيت هاتفا من شخص اسمه زهير. ذهبت إليه دلفت الى داخل الدار ولمحت لوحات كبرى، رأيت شبحها وحين اقتربت من المشهد اندهشت ولا أخفي عليكم أني مكثت - بلا أدنى مبالغة - عشر دقائق متسمرا مذهولا صامتا وأنا أتصفح لوحاته، شعرت بالغبن والضياع، وغباؤنا نحن دعاة الثقافة والسياسة، كيف نلهو وراء السراب وراء اللاشيء وراء الوهم وراء الحلم وحولنا قامات وخامات وأمكنة تفترس الحياة بفنها، تستطيل تدفقا فنيا وعطاء إبداعيا بلا حدود وبلا انقطاع. ورحت أحدث اللوحات: كيف تموت الزهرة بلا ماء وبين يدينا ألف شلال وشلال، كيف يموت الفن في العتمة والقهر والحزن وحوله يحلق ألف أمل وأمل؟ أنا منفعل لأني شعرت بالدمعة وهي تحرق الجرح شعرت بالقهر كيف يكسر الضمير. عشرات المواهب من البحرينيين تضيع لأننا لاهون بالضياع نتسلى بالمجهول. ويا لغربة عبقرية الفنان عندما تضيع جهوده وإنجازاته بين مجتمع جاهل لا يتذوق روعة الجمال. أين الوطن من هؤلاء الفتية الذين آمنوا بالفن، إذ يقود إلى الحب والإيمان والوطن فزادهم الله خلقا ومعرفة ويقينا. أين هو المجتمع من هذه العبقريات؟ زهير ويا لعظمة الفن إذ ينمو حقل زهر في زمن التصحر الثقافي والاجتماعي والسياسي، وعلى رغم ذلك اتسقت أغصانه لتثمر حقولا وحقولا. تصفحت اللوحات فأيقنت بأن الصخر يورق على رغم هروب النمير وبأن الليل قد يمطر أزاهير وإن كثر سيافو الجمال. ربحت في مركز الحوار الثقافي "تحت التأسيس" خامة أخرى ستتفجر إبداعات وطنية قريبا، ولزهير تاريخ حافل بالإنجازات الوطنية والمشاركات الكبيرة، فقلبه ينبض للبحرين حبا وهياما. إنه قنبلة مؤقتة تنتظر الانفجار الفني وآن لها أن تنفجر وطنيا وعربيا وعالميا. هذا العملاق المدفون تحت تجاهل المحيط لابد له أن ينفجر ذات يوم ليهز العالم إبداعا.لابد أن نكتشف المواهب والطاقات لنري العالم ما يحمله أهل البحرين من طاقات عملاقة لنكون رسائل حب وسلام ووطنية في عالم اختلطت في الأمكنة والشعارات. نعم، البحرينيون يتفجرون إبداعا ووطنية وفنا وجمالا، وبين يدينا زهير السعيد وطارق الفرساني وحسين الخزاعي وطلال وحبيل وسالمين والعشرات الذين يذوبون في رفعة الوطن ليبقى علم المملكة دائما خفاقا. نعم للتحضر، للوعي، للنضج الوطني، للعمق الإنساني، للرؤية الكونية. زهير، إن قرية أنجبتك ستعرف قيمتك ذات يوم، وإن أرضا احتضنتك ستعرف يوما ماذا تخبئ للمستقبل وماذا ستكون..

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1164 - السبت 12 نوفمبر 2005م الموافق 10 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً