أحد قرارات المؤتمر الثاني لـ "منتدى المستقبل" الذي اختتم أعماله أمس كان ينص على إنشاء "مؤسسة المستقبل" التي ستتولى دعم وتمويل مؤسسات المجتمع المدني. وهذه المؤسسة، في حال نجح المنتدى في إنشائها بالشكل الذي طرح في بادئ الأمر، ستكون انطلاقة جديدة للنشاطات السياسية في جميع بلدان الشرق الأوسط. حاليا يلجأ عدد من المنظمات الأهلية إلى المعونات المادية المتوافرة من مؤسسات متخصصة في ذلك في أميركا وأوروبا. لكن تجربة المؤسسات المدنية المصرية وتجارب عدد من مؤسسات الدول الأخرى مرة في هذا المجال. فعندما تنشط مؤسسة مدنية وتنزعج الحكومة منها تقوم باتهامها بأنها تتسلم المال والدعم من أطراف أجنبية. وفي البحرين نشطت مؤسسة "إن. دي. آي" الأميركية، وأثيرت بشأنها الإشكالات ذاتها على رغم أن ما قامت به المؤسسة خدم النشاط السياسي والأهلي بشكل ملحوظ. الفكرة إذا تتمركز حول خلق مؤسسة ذات أطراف عدة، تشترك فيها حكومات الدول الثماني مع حكومات دول الشرق الأوسط، والتمويل يكون مفتوحا للجميع ومن ثم يتم جمع هذه الموازنة ووضعها تحت تصرف أعضاء مستقلين يحفظون مواردها المالية، ويشرفون على توزيعها على نشاطات المجتمع المدني بحسب ضوابط الشفافية والعدالة. وبما أن المؤسسة متعددة الأطراف فسيكون من الصعب على حكومة ما اتهام هذه المنظمة الأهلية أو تلك بأنها ترتبط بالأجنبي، لأن المؤسسة سيكون أحد أطرافها حكومات المنطقة ذاتها. المؤسسة ستكون محكومة بميثاق لضمان استقلالية عملها، وهذا يفسر التحفظات التي أثيرت من قبل بعض الأطراف، لأن مثل هذا الدعم المؤسسي سيمثل خطرا على نمط التعامل السائد في منطقتنا مع مؤسسات المجتمع المدني. فالمؤسسات الأهلية مقموعة في العادة، وإذا توافرت لها الحرية، كما هو الحال في البحرين، فإنها تبقى تحت إطار من القوانين التي يمكن استخدامها في أي وقت لضرب نفوذ هذه المؤسسة أو تلك عندما يصبح نفوذها واضحا ومؤثرا بأسلوب لا يعجب بعض الجهات الرسمية. "مؤسسة المستقبل" ستكون أداة مؤسسية جديدة - فيما لو نجحت - لدعم المجتمع المدني في بلداننا على أساس أكثر وضوحا، كما سيكون لمؤسسات المجتمع المدني نوع من الحماية الدولية نظرا إلى ارتباطها بـ "منتدى المستقبل". تكررت الإشارة إلى أن الإصلاحات المطروحة ستكون اختيارية، بمعنى أن على كل حكومة أن تقرر لنفسها ما تحتاج اليه مما هو متوافر في "منتدى المستقبل" وفي مؤسساته الجديدة وبرامجه ومبادراته التي تطرح على الطاولة. ولكن هذا لا ينفي أن ما نشهده يعتبر تحولا جديدا في مجريات الأمور، إذ لم يعد العمل السياسي المحلي مرتبطا بالبيئة المحلية فقط، وإنما أصبح الآن جزءا من بيئة إقليمية مدعومة دوليا من خلال الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. التنافس بشأن مقر المؤسسة يظهر أيضا أهمية النفوذ الذي ستحصل عليه الدولة التي ستحتضنه، لكن الخيار أيضا سيعكس مدى جدية "منتدى المستقبل" في تنفيذ ما يقول. فمثل هذه المؤسسة بحاجة إلى أشخاص لا يمكن شراؤهم بسهولة وبحاجة إلى إطار قانوني سليم يحمي من يعمل فيها من انتقام هذه الحكومة أو تل
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1164 - السبت 12 نوفمبر 2005م الموافق 10 شوال 1426هـ