العدد 1163 - الجمعة 11 نوفمبر 2005م الموافق 09 شوال 1426هـ

سورية مستهدفة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

سورية مستهدفة. هذا هو العنوان الكبير الذي يجمع فقرات خطاب الرئيس بشار الأسد. فالخطاب في جوهره ينطلق من فكرة مركزية وهي ان الولايات المتحدة لا تريد التعاون الدولي وانما تخطط للفوضى الدولية استنادا إلى قراءات ومتابعات يومية لسياسة واشنطن في المنطقة. الرئيس الأسد ينطلق في خطابه من العام إلى الخاص ويستخلص جزئيات كثيرة من تلك الكليات التي رسمت الاستراتيجية الأميركية في السنوات الأخيرة وحددت معالم الطريق والأهداف الخفية التي تخطط لها إدارة "البيت الأبيض". وانطلاقا من العام إلى الخاص يرى الخطاب مجموعة تفصيلات كلها تذهب إلى الاتجاه المرسوم وهو استهداف سورية عنوة أو غيلة أو من خلال استدراجها إلى تقديم تنازلات وصولا إلى تحقيق الغاية نفسها، وهي: تجريد سورية من أوراق القوة وعزلها إقليميا وأخيرا الضغط عليها من الداخل لإضعافها ونزع عناصر تماسكها. الخطاب إذا استراتيجي في رؤيته العامة. فهو لا يدخل في التفصيلات السياسية الا حين يضطر إلى ذلك لتوضيح الأطر العامة للمخطط الدولي الذي تعتمده واشنطن منذ وصول الإدارة الحالية إلى الحكم. فالتفصيلات برأي صاحب الخطاب ليست مهمة لأنها مجرد جزئيات صغيرة وضعت عن قصد أو افتعلت للتذرع بها والبناء عليها لتحقيق الهدف الكلي وهو تقويض سورية من الداخل أو الضغط عليها من الخارج من خلال فتح ملفات إقليمية لتعطيل الرؤية وتشويش الرأي العام العربي. المسألة إذا بحسب رأي صاحب الخطاب تتجه نحو غاية واحدة، وبما أن كل الطرق تؤدي إلى "الطاحونة"، كما يقول المثل الشعبي، فلماذا إذا تضييع الوقت والانشغال بأهداف أخرى مادامت القصة معروفة من عنوانها أو من الصفحة الأولى. فالنهاية كما يرى الأسد في خطابه متصلة بالبداية أو بذاك المنهج العام الذي دأبت إدارة واشنطن على ممارسته ضد العالمين العربي والإسلامي منذ العام .2001 وبسبب هذه الإطلالة الاستراتيجية وقراءة الخاص من خلال العام مال خطاب الأسد إلى توضيح الثوابت وتأكيد تلك الخطوط الرئيسية التي لا يمكن التنازل عنها أو التفاوض عليها. سورية جاهزة للتعاون يقول الأسد في خطابه، ولكنها غير مستعدة للانتحار. وسورية قابلة للبحث في كل شيء فوق الطاولة ومن دون اللجوء إلى صفقات سرية، ولكنها أيضا ليست في وارد قتل روحها فهي إذا خيرت بين الموت انتحارا أو الاستشهاد دفاعا عن حرمة البيت فإنها بالتأكيد تفضل شرف القتال ولن تعطي فرصة للخصوم لكسب المعركة من دون ثمن. انطلاقا من هذه الرؤية الكلية للأمور نظر خطاب الأسد إلى كل تلك الجزئيات وخصوصا تلك الاتهامات المتعلقة بالملفات اللبنانية والفلسطينية والعراقية والإقليمية والعربية. فكل هذه التفصيلات هي مجرد نقاط تتذرع بها الإدارة الأميركية لتحقيق الهدف الاستراتيجي الذي يتلخص في استهداف سورية أو تجريدها من أوراق القوة وعناصر الممانعة لتسقط وحدها من دون مقاومة. الخيار الاستراتيجي خيار مواجهة. سورية قلقة وليست خائفة كما قال الرئيس الأسد. ولأنها ليست خائفة فهي مستعدة للمواجهة إذا فرضت عليها كخيار أخير أو وحيد. وأيضا سورية قلقة ولأنها كذلك فهي مستعدة للتعاون أو التفاوض بوضوح ومن دون دوران حول المشكلات التي تتهم دمشق بأنها تقف وراءها. خطاب الأسد اختصر الطريق واختزل الكثير من التفسيرات والتأويلات ووضع كل المسافات في سياق مشترك أو تحت سؤال واحد: ماذا تريد أميركا من سورية؟ هذا هو السؤال. ماذا تريد الولايات المتحدة من المنطقة وعلى ماذا تراهن وما هي الأهداف الحقيقية التي تتوخاها من كل تلك التفصيلات والمعارك الجزئية التي تفتعلها في الميادين الدولية والإقليمية والدول المجاورة لسورية. الأسد لم يطرح السؤال مباشرة في خطابه، ولكن مختلف فقراته تدور حول هذه المسألة. وحين توضح أميركا جوابها وتحدد ماذا تريد من سورية والمنطقة آنذاك يمكن التفاوض على كل الجزئيات والتعاون على حل مختلف الملفات. الأسد قال في خطابه ماذا تريد سورية وما هي سياستها ومخاوفها وفتح الباب على كل الاحتمالات من التفاهم إلى المواجهة. والآن انتقلت الكرة إلى الملعب الأميركي وبقي على واشنطن الرد على سؤال: ماذا تريد من المنطقة؟

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1163 - الجمعة 11 نوفمبر 2005م الموافق 09 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً