يتأمل المقال التحليلي لهذا الأسبوع في بعض التفاصيل التي وردت في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام . 2004 باختصار، كشف التقرير عن الكثير من التجاوزات التي وقعت في وزارات الدولة وخصوصا المالية وبعض الهيئات الوطنية مثل شئون السياحة وهيئة الإذاعة والتلفزيون والمؤسسة العامة للشباب والرياضة فضلا عن المؤسسات الاستراتيجية مثل "بابكو" و"ألبا". خلافا للتقرير الأول بخصوص العام ،2003 قد تميز تقرير العام 2004 بالمزيد من الشفافية، إذ كشف النقاب عن تجاوزات خطيرة تتعلق بسوء استخدام المال العام. وقبل الخوض في بعض تفاصيل ما جاء في التقرير لابد من تقديم الشكر الجزيل لديوان الرقابة المالية على الجرأة في الكشف عن المستور، الأمر الذي يعزز من صدقية الديوان عند عامة الناس. لاشك في أن الاعتراف بوجود مشكلات هو الطريق لحلها، وكما يقال "رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة".
تجاوزات في وزارة المالية
خص التقرير بعض التجاوزات التي حدثت في وزارة المالية ربما لسبب جوهري هو أن المفروض أن تكون هذه الوزارة شديدة الحرص على المال العام. فقد لاحظ التقرير قيام وزارة المالية بإقفال الأستاد العام للحكومة في نهاية شهر فبراير/ شباط أي قبل المدة المحددة وهي نهاية شهر مارس/ آذار، الأمر الذي تسبب في إرباك مسألة غلق الحسابات في الوقت المناسب. لا يعرف على وجه التحديد كيف سمحت وزارة المالية لنفسها أن تقرر تقديم موعد غلق الأستاد العام للحكومة من دون تنسيق واضح مع الجهات الحكومية الأخرى. إضافة إلى ذلك، نبه التقرير لقيام وزارة المالية بتدوير مبلغ قدره 85 مليون دينار من المصروفات المخصصة لموازنة نفقات المشروعات للسنة المالية 2004 إلى السنة المالية 2005 بطريقة غير سليمة. يرى التقرير أن الصحيح هو أن تتم دراسة كل مشروع وتحديد نسب الإنجاز فيه والالتزامات عليه. كما أشار إلى قيام وزارة المالية بتجاوزات أخرى مثل عدم إخطار الوزارات المعنية بالمبالغ المدورة لها. أيضا قامت الوزارة بتدوير اعتمادات لمشروعات لم ترصد لها موازنة أصلا فضلا عن تدوير مبالغ تعود لأكثر من سنة مالية وفي ذلك تجاوز للقوانين. أيضا أشار التقرير إلى عدم قيام وزارة المالية بتقييم كامل لأداء الشركات التي تساهم فيها الحكومة. فقد أشار إلى وجود مشكلات مالية وإدارية في الكثير من المؤسسات السياحية التي تساهم فيها الحكومة والتي بدورها تعاني من خسائر مالية "مثل شركة المشروعات السياحية". كما نبه التقرير إلى تضمين وزارة المالية في حسابها الختامي مصروفات على مشروعات غير مرتبطة بها مثل مجمع سترة التجاري وصالة في نادي الخريجين. كما انتقد التقرير ممارسات الوزارة فيما يتعلق بتقييم وضع موازنات المشروعات والتأكد من وجود دراسات جدوى متكاملة مع الكلفة الكلية "على سبيل المثال بندر السيف والنصب التذكاري بالصخير".
تجاوزات في وزارتي الخارجية والداخلية
فضلا عن وزارة المالية، تضمن التقرير انتقادات لتجاوزات تم تسجيلها في وزارات أخرى مثل الخارجية والداخلية. لاحظ التقرير قيام رئيس البعثة الدبلوماسية البحرينية في العاصمة الأميركية بتأجير سكن خاص بدل الإقامة في سكن ملك تابع للحكومة. وقد تسبب سكن رئيس البعثة بواشنطن "ليس الحالي بطبيعة الحال" في منزل مستأجر بتحمل حكومة البحرين مبلغا يقترب من 127 ألف دولار "نحو 48 ألف دينار" في غضون ثلاث سنوات ونصف السنة. أيضا أشار التقرير إلى وجود تصرفات غريبة في وزارة الداخلية مثل اعتمادها على نظام السجلات اليدوية لتدوين الإيرادات، ما يفتح المجال أمام وقوع تعقيدات مثل صعوبة إعداد التقارير وغيرها. كما أشار إلى عدم احتفاظ وزارة الداخلية بقائمة متكاملة ومحدثة فيما يتعلق بالعقود المبرمة مع أطراف خارجية وتاريخ انتهائها. نواصل حديثنا يوم غد "الأحد"، إذ نركز على التجاوزات التي وقعت في بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1163 - الجمعة 11 نوفمبر 2005م الموافق 09 شوال 1426هـ