كانت لزيارة عمرو موسى لبرلمان كردستان دلالة كبيرة ولعل أهمها "هكذا فهم الكرد" أنها مؤشر إلى الاعتراف من قبل العرب بالخصوصية الكردية. على غير ما نقلته وسائل الإعلام العربية من أن موسى عد الأكراد جزءا من العالم العربي، إذ قال موسى: "إن العراق الحر المستقل المتحد أو الاتحادي انما يمثل نقلة نوعية في التطور السياسي في هذه المنطقة وأنا اتحدث إلى البرلمان الكردي اود ان أقول ان كردستان العراق جزء مهم ليس فقط من العراق ولكن من العالم العربي ومن منطقة الشرق الأوسط". الأكراد من قبلهم أبدوا ارتياحهم الشديد من زيارة موسى لكردستان وأبدوا ارتياحهم أكثر عندما حضر موسى البرلمان الكردي - الذي لم يبد انزعاجه من النشيد الكردي أي رقيب وأبدى فرحه لسماعه النشيد الوطني العراقي "كم سعدت حين استمعت لحظة وصولي إلى هذا المبنى الكريم إلى السلام الوطني العراقي والسلام الكردي وهو إشارة ودودة ومهمة إلى هذا الشكل الجديد للعراق الجديد من كردستان إلى العراق إلى العالم العربي" - وهو يستمع إلى كلمة رئيس البرلمان عدنان المفتي التي ألقاها بهذه المناسبة. ويبدو انهم "الكرد" لذلك وافقوا، بقدرة القادر وبسرعة، على الجلوس مع المسلحين ومع البعثيين - على أساس أنه سينعقد بعد فترة مؤتمر للوفاق يضم كل العراقيين في القاهرة - ولو انهم "الكرد" اشترطوا أنهم سيجلسون مع الذين أيديهم غير ملوثة بدماء الابرياء، الا ان هذا أيضا مؤشر إيجابي من قبل الأكراد "على غير ما وصفهم بعض "المتنرفزين" من الواقع الدولي الجديد في المنطقة" الى أنهم مهيئون ومؤيدون للم شمل العراقيين، إذ لا يجوز شطب شريحة كاملة من الخريطة السياسية العراقية الجديدة. مؤشران إيجابيان من الكرد ومن الجامعة العربية وهما، من دون شك، سيفتحان آفاقا جديدا بين الأكراد والعرب وسيحسنان العلاقة العربية الكردية التي طالما بقيت في حال - منذ ان تشكلت الدول القطرية والحزبية في العالم العربي - ضبابية ومتوترة وحساسة على رغم مناداة الاكراد وبعض الليبراليين والديمقراطيون العرب بتحسينها ووضعها في وضع صحيح. تماما مثلما اراد موسى: "التفاعل العربي الكردي والتواصل والتداخل هو جزء من التاريخ القديم ومن التاريخ الحديث ومن الحاضر ومن المستقبل... نحن اخوة". ربما هذان المؤشران لا ينطبقان لا مع الفهم الكردي لزيارة عمرو موسى لكردستان على أساس انه "اعترف ببرلمان وحكومة كردستان" ولا مع صوغ إعلام العربي على ان موسى اعتبر ان الكرد "جزء من العالم العربي" نسي الإعلام ان موسى استخدم مفردات ضبابية وهي كانت إيجابية للعراق الجديدة ومشجعة لأطراف هي في خارج السلطة لتندمج مع الحال الجديدة في العراق. كلام موسى لم يغير من المعادلة شيئا كبيرا لكنه مشجع ومدعو لكل الأطراف لتفكير جدي في مستقبلهم عدا عن انه أراد ان يعترف بقصور الجامعة العربية تجاه العراقيين جميعا. اذا خطاب موسى كان خطابا برتوكوليا محملا ببعض مجاملات سياسية لأطراف، ولهذا السبب كانت زيارة موسى لكردستان "وللعراق" زيارة ناجحة بامتياز، والسؤال: هل تكون زيارة احمد بن حلي للأطراف، ناجحة أيضا وسينعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية والوفاق على ان يحضره عجره وبجره؟ لأنه وبحسب ما قال موسى ان الجامعة تعلم "حق العلم ان هناك عهدا انتهى وراح وان هناك عصرا جديدا يتهيأ له العراق".
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 1160 - الثلثاء 08 نوفمبر 2005م الموافق 06 شوال 1426هـ