دعا وزير حقوق الإنسان العراقي السابق ومؤسس منظمة التحالف الدولي من أجل العدالة بختيار أمين الدول المشاركة في منتدى المستقبل إلى تأسيس صندوق مالي مستقل يدار من نشطاء وشخصيات المجتمع المدني في المنطقة من أجل نشر ثقافة الديمقراطية وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية والأقليات. وقال أمين في حوار مع "الوسط" ان انعقاد المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل في المنامة "يأتي في وقت مهم تمر به المنطقة بعد التغييرات الكبرى التي أحدثتها الحرب في العراق وتأثيراتها على المنطقة مثل الحوادث التي وقعت في لبنان والتغييرات في قانون الانتخابات في مصر والانتخابات البلدية في السعودية ومنح المرأة حق المشاركة في الانتخابات الكويتية والتغييرات في قطر والبحرين والأردن وتصعيد عمليات الإرهاب". وأكد أمين "أن الضغط الخارجي من أجل الديمقراطية والإصلاح والمزيد من حقوق الإنسان تضاعف بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول وتبني أميركا مشروع الشرق الأوسط الكبير بعد تبني الأوروبيين عملية برشلونة بعد اتفاق اوسلو، التي تبنت ثلاث سلات: الأولى هي الأمن والثانية هي التنمية الاقتصادية والسلة الثالثة هي الحوار الإنساني والديمقراطية وحقوق الإنسان "..."، ولكن مع الأسف الشديد فشلت عملية برشلونة في تبنيها السلة الثالثة، واهملت وهمشت السلة الثالثة حتى في اطار الشراكة الاورو - متوسطية، إذ لم تعط حقها في المفاوضات والحوار والعلاقات الموجودة بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي وبلدان هذه الشراكة". وأشار أمين الى "أن دعوات الشراكة وتعزيز الدور الشعبي في صناعة القرار المنطلقة من الدول الكبرى أتت تلبية لدعوات من مناضلين ونشطاء من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والاقليات في منطقتنا، واتت نتيجة نضالاتنا التي أدت إلى سجن وتعذيب وقتل واعدام كثير من المناضلين من أجل الديمقراطية في منطقتنا منذ عقود". ورأى أمين أن التجمعات الاقليمية فشلت في القيام بدورها من أجل الديمقراطية والإصلاح وحقوق الإنسان والمرأة والأقليات في منطقتنا كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، وهذا يأتي نتيجة لفشل الأنظمة السياسية المستبدة في قيام إصلاحات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية حقيقية، فيأتي اليوم المؤتمر الموازي الذي ينعقد في المنامة متابعة للمؤتمرات التي عقدت في صنعاء والمغرب وفينيسيا ووصلت المرحلة إلى أن يلتقي وزراء خارجية الدول الثماني الكبرى مع نظرائهم في الشرق الأوسط الكبير من أجل مناقشة هذا الملف. وشدد أمين على ضرورة أن يكون الإصلاح "نابعا من إرادة شعوبنا ومنظمات المجتمع المدني، ونحن نريد هنا أن نؤكد للدول الكبرى أننا سبقناكم في الدعوة إلى الإصلاح منذ فترة طويلة وكثير منا دخلوا السجون والمعتقلات وتأذت عوائلنا بسبب مطالبتنا في سبيل بناء الديمقراطية". ووجه أمين رسالة إلى منتدى المستقبل، قائلا: "لقد سبقناكم إلى المطالبة بالإصلاح يوم كنتم داعمين للاستبداد، ونحن نرحب بمد يد العون من اجل الديمقراطية بدلا من دعم الدكتاتورية، وامنيتنا أن يساهم كل إنسان خير في مساعدة شعوب هذه المنطقة في أن تعيش بحرية في اطار أنظمة ديمقراطية". وأوضح أمين أن هناك ثمة مصالح كبرى تجمع مصالح الشعوب ومصالح الدول الكبرى، وخصوصا أن الدول العظمى في هذا العالم وصلت إلى قناعة بأن تزايد موجات الإرهاب والتطرف والقمع كان نتيجة دعمهم لأنظمة استبدادية لفترة طويلة من الزمن. ورأى أمين أن من الضرورة بمكان "ان تكون لدينا رؤيتنا المستقبلية للإصلاح، بدلا من أن نعيش في حيز مغلق من التشكيك في الآخر منغلقين على انفسنا، وبدلا من أن نبرر تخلفنا بنظريات المؤامرة الغربية يجب علينا أن نقوم بمبادرات حقيقية ملموسة وألا نجهض المبادرات الدولية التي تصب بعضها في مصلحتنا كشعوب، فنحن لدينا مصالح: أن نعيش بكرامة ورفاهية وحقوق محمية في ظل نظام ديمقراطي تعددي". وعن رأيه في انتهاكات حقوق الإنسان في العراق حاليا قال أمين: "في الحقيقة ان كل شيء نسبي، وخصوصا في بلد عاش تحت وطأة نظام دكتاتوري شمولي ومورست ضد شعبه ابشع الجرائم من حرب ضد الإنسانية، إضافة إلى الحروب الخارجية والداخلية لعقود من الزمن الى ان تغير نظام الحزب الأوحد والقائد الأوحد إلى نظام تعددي". وأشار أمين الى "أن دولة العراق التي بنيت في العام 1921 انتهت في ابريل/ نيسان ،2003 إذ فشلت الدولة العراقية الأولى بسبب سياسات الإقصاء والتهميش لشرائح واسعة من الشعب العراقي والأزمة الكردية، وبدأنا نبني عراقا جديدا على انقاض عراق مدمر وأعدنا البناء من الصفر في مؤسسات الدولة وفق أسس ديمقراطية اتحادية". وأضاف أمين "نتمنى ان يعكس العراق الجديد بشكل مستمر الواقع الاجتماعي والأهلي والديني والسياسي المتعدد في مؤسساته الجديدة بمشاركة كل مكوناته لكي نبني دولة حديثة تواكب الموجة الحضارية في العالم "..." لقد عانينا طوال عقود من ويلات الحرب والإبادة والآن نعاني من الإرهاب والمشكلات الخدماتية، لذلك فشعبنا يريد نجاح العملية السياسية الديمقراطية بأقصر فترة وأقل خسارة ممكنة بمشاركة الجميع". وتساءل أمين: "لماذا لا تساهم البلدان العربية والإسلامية في إلغاء مستحقاتها المالية على العراق أسوة بالبلدان الأوروبية وغيرها؟ ولماذا يراد الآن من هذا الشعب المسكين الذين سرقت ثرواته وقوته ان يدفع ثمن حروب صدام على رغم اننا كشعب لم تكن لنا في تلك الحروب ناقة ولا جمل؟ فالكل يعلم أن جميع هذه الحروب كانت بقرار الدكتاتور السفاح صدام". وفي موقف لافت دعا أمين البلدان التي تطالب العراق بالتعويضات إلى "أن تدفع التعويضات للشعب العراقي الذي عانى الويلات أكثر من الآخرين بسبر سياسات صدام وتواطؤ بعض الأنظمة، فنحن بحاجة إلى الدعم أكثر من أي شعب آخر". وردا على سؤال عن صدقية الدول الغربية التي ساندت أنظمة شمولية في البدء بإصلاحات حقيقية أجاب أمين قائلا: "نحن نعلم تماما ان صدام كان الابن المدلل للمجتمع الدولي، الذين ساندوه من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وصمتوا على جرائمه وكانوا متعاونين ومتواطئين معه، لكننا نشكر الذين ساعدونا في إزالة الدكتاتورية في العراق، ونؤكد مرة أخرى نيتنا في ارساء العلاقات المتميزة مع الجيران والمنطقة والعالم بناء على مصالحنا المشتركة". وأضاف أمين "لسنا من دعاة الثأر والانتقام ونحن لدينا نيات للتعاون حتى مع الذين وقفوا ضد الحرب. وهذا لا يدل على ان ذاكرتنا ضعيفة، لأن ذاكرة الضحايا قوية جدا ونحن نتمنى اليوم من كل دول المنطقة ان يكون لديها خطاب صريح ضد الإرهاب والتكفيريين وان يوقفوا حملات اعلامهم الممولة المغرضة وغير الحيادية التي أصبحت منابر للعنف والترويج للإرهاب ونشر فكر الطائفية". وبشأن الانتقادات الموجهة إلى محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين قال أمين: "العراقيون يتذكرون تجربتين سابقتين في المحاكمات الكبيرة، الأولى كانت محكمة المهداوي في زمن عبدالكريم قاسم والأخرى هي محكمة الثورة في زمن صدام حسين "..." وكان العراق في زمن الطاغية مليئا بالمحاكم الاستثنائية والخاصة والصورية التي كانت تستمر من ثلاث دقائق إلى خمس بعيدة كل البعد عن تقاليد ومعايير المحاكمة المحترمة، بل وعدم فيها أبرياء وآخرون قيدوا إلى الأحكام المؤبدة". واسترسل أمين قائلا: "لقد كانت هناك اعدامات بالجملة كل يوم اثنين واربعاء بل ان الاستهانة بالعراقيين وصل إلى حد إجبار ذوي الضحايا بدفع نفقات الرصاص "..." ونقول لاخوتنا الذين يتباكون على هذا الطاغية ان المقابر الجماعية واستخدامه الأسلحة الكيماوية وقتل الائمة والمراجع خير شاهد على "عدالة صدام حسين"، ونقول أين كان هؤلاء؟ وأين كانت عواطفهم عندما كانت تستباح دماء الشعب العراقي المظلوم بمئات الألوف؟". وامتدح أمين إجراءات محاكمة صدام حسين قائلا: "هل شاهدوا قاضيا عراقيا اهدأ من هذا القاضي وبأدبه الرفيع؟ نعم ما كان يعيب المحاكمة هو الخلل التقني والفني في نقل وقائع المحاكمة ونتمنى إصلاح هذا الخلل في الجلسات المقبلة حتى ينصف الضحايا"، مؤكدا أن كثيرين يخشون ان تخرج الحقائق من محاكمة صدام. وعن مستقبله السياسي في العراق اجاب أمين قائلا: "انا شخص مستقل ولم أرشح نفسي في الانتخابات السابقة ولن ارشحها في الأيام المقبلة ولم اطالب يوما بكرسي منذ 30 عاما".
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 1160 - الثلثاء 08 نوفمبر 2005م الموافق 06 شوال 1426هـ