إن الجدل الدائر في الساحة البحرينية بشأن قانون الأحكام الأسرية أو الأحوال الشخصية أو أيا كان اسمه يكشف للمتتبع أن هناك سوء فهم لرأي العلماء المعارضين لآلية التقنين وليس للتقنين نفسه، فالهجوم اليومي غير المبرر على آراء هؤلاء العلماء من قبل من يتهمهم بالجلوس في بروجهم العاجية وعدم المعرفة بما تتعرض له المرآة من ظلم في المحاكم الشرعية جراء عدم التقنين، هو اتهام من لا يعرفهم و لا يعرف بمن يلتقون أو ماذا يعرض عليهم من مشكلات أسرية. وإن أي متتبع لأبسط التصريحات الواردة عن هؤلاء العلماء يلمس ذلك، وآخر تلك التصريحات ما نقل عن السيدعبدالله الغريفي الذي أكد مباركة العلماء لتقنين أحكام الأحول الشخصية إذا ما وضعت ضمانات دستورية تضمن عدم تغيير أي بند من هذا القانون إلا وفق الأحكام الشرعية، وبالرجوع إلى المتخصصين من الفقهاء والمراجع في ذلك، وأن تكون هذه المادة غير قابلة للتغيير. فهذا التصريح وغيره من التصريحات لا يدع شكا بأن هؤلاء العلماء لا يعارضون التقنين بل يعارضون آلية التقنين ولكن المستغرب في كل هذا الجدل بأن من يطالبون بالتقنين الفوري ويقومون بحملات إعلامية و هجومية على المعارضين له لم يحركوا ساكنا للمطالبة الفعلية والجادة لإصلاح القضاء الذي أثبتت التجارب أن فساده ألحق بالمرآة ضررا كبيرا، والأكثر غرابة أن المؤيدين للتقنين يقولون إن هذا التقنين يجب أن يكون وفق الشريعة الإسلامية فلماذا لا يقبلون بشروط المعارضين والتي تطالب بوجود ضمانات دستورية بعدم تغيير القانون إلا وفق الشريعة الإسلامية فما الضير في ذلك ما دام الطرفان متفقين على مرجعية الشريعة في ذلك. ولماذا هذا الهجوم إذا كان الطرفان متفقين على مرجعية الشريعة في أحكام الأسرة، كما أن الأصوات التي تعالت من المؤيدين للتقنين والتي كانت تقول ان الشريعة الإسلامية لم تنصف المرآة هي لأناس لم يقرأوا ما هي حقوق المرآة في الشريعة ولا أين تقع مكانتها، مكانتها التي حسدتها عليها سيدات غربيات موجودات في البحرين فإحدى السيدات الأجنبيات في البحرين تقول لماذا تطالب المرآة البحرينية بحقوقها وهي محترمة ومقدسة أكثر ما كنت أتصور فهي في المصارف والأماكن الخدمية لا تنتظر كما ننتظر نحن في دولنا وهي غير مضطرة للعمل بل على الرجل أن يوفر لها كل ما تحتاجه وهي ملكة جالسة في بيتها، فالحقوق ليست تقليد الغرب تقليدا أعمى في كل شيء، ولكن الحقوق هي بالنظر للثوابت والتحرك وفق تلك الثوابت والحقوق هي المطالبة بحق من يرى أن ذلك حق وليس تطبيق ما نريد على الناس لأن تلك دكتاتورية الحقوق وليست المطالبة بالحقوق
إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"العدد 1159 - الإثنين 07 نوفمبر 2005م الموافق 05 شوال 1426هـ