حسنا فعلت الجمعية البحرينية لحقوق الانسان بقرارها تكريم عضو الجمعية عبدالنبي العكري على هامش المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل الذي يبدأ أعماله بعد عطلة العيد في المنامة، وهو تكريم لمحصلة الدور الذي قام به العكري في ميدان حقوق الإنسان والتضحيات التي قدمها على مدى أكثر من ثلاثة عقود من النشاط في هذا المجال. أهمية هذه الخطوة في أبعادها المتعددة. فالعكري الذي عرفه مواطنوه في البحرين ناشطا سياسيا وحقوقيا ساعيا من أجل مستقبل أفضل لمواطنيه ولوطنه، هو نفسه الذي عرفه العرب الذين عاش بينهم سنوات طويلة أو التقاهم مرات كثيرة في حياته ناشطا سياسيا وحقوقيا من أجل حياة عربية أفضل ومن أجل عالم عربي أفضل، وقد كان العكري في تجربته السياسية والحقوقية صاحب علاقات امتدت في المحيط الدولي ما أضفى على تجربته ونضاله طابعا انسانيا، تعرفه معظم الجماعات والمنظمات الدولية العاملة في هذا الاطار، ولعل اختيار مناسبة انعقاد المؤتمر الموازي لتكريم العكري هو انعكاس لهذا البعد في نشاط الرجل ومساهماته المتعددة المجالات والمستويات. ولتكريم العكري بعد آخر، اذ ان الرجل لم يكن حالة بحرينية فريدة وخاصة. بل هو واحد من نخبة من رجال البحرين، انخرطوا بعمق من اتجاهات فكرية وسياسية متعددة في النشاط العام في الوطن والخارج، وتوزعوا في حضورهم ونشاطهم على عواصم كثيرة، منها دمشق وبيروت وبغداد والقاهرة ولندن وغيرها، وظلوا سنوات طويلة وهم يعملون بدأب وصبر، بالتنسيق والتوافق والتضامن مع أقرانهم في البحرين من أجل أهداف سامية لمستقبل بلادهم، وتكريمه في هذا المعنى هو تكريم لهذا المستوى من نشطاء البحرين الذين ربطوا حياتهم الشخصية بحياة واحتياجات وطنهم. وكما عاد العكري الى وطنه عاد معظم رفاقه ممن عاشوا حياة المنفى من اجل ان يساهموا مباشرة في الحياة العامة بدل ان تكون مساهمتهم عن بعد، ولم يكن لهذا الامر ان يتم لولا تحولات اصلاحية خطت البحرين في اتجاهها في السنوات الماضية في محاولة كان هدفها اعادة تطبيع الحياة في البلاد، ووضع اطر جديدة للعلاقة التي تحكم الدولة والمجتمع بما فيه من افراد واتجاهات وجماعات، تشكل جزئيات اللوحة البحرينية، وتكريم العكري في هذا الجانب هو تكريم لتوجهات تطبيع الحياة العامة، ولما تم في اطارها من اصلاحات، تقتضي الحياة ان تستمر وتتعدد. وسط حشد كبير من مواطنيه ومن شخصيات عربية وأجنبية، يتم الاحتفال بتكريم عبدالنبي العكري، سيذكر بعض الخطباء سيرة الرجل وعلاقاته، وسيشير غيرهم الى نشاطاته المتعددة ولاسيما في ميدان حقوق الانسان، وسيتوقف البعض عندما انجزه العكري في الميدان المعرفي والثقافي من مؤلفات وترجمات، وكلها اجزاء من سيرة مستمرة من العطاء نتمنى ان تتواصل، وسيضيف بعض الخطباء الى ما سبق حديث عن البحرين، وإشادة بهذا البلد الصغير الواقع في اقصى الخريطة العربية، وصاحب المحاولات المبكرة في الخروج الى الاصلاح، والى اعادة تطبيع العلاقة بين الدولة والمجتمع، وقد سبق في ذلك دول عربية اخرى لديها كل الحاجة والضرورة للذهاب في هذا الاتجاه
العدد 1159 - الإثنين 07 نوفمبر 2005م الموافق 05 شوال 1426هـ