العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ

المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل يناقش محور تمكين الشباب سياسياً

محمد مطر يعد ورقة عمل (1-2)

ضمن سلسلة الأوراق المقدمة لمناقشة محاور المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل والذي سيعقد في السابع والثامن من الشهر المقبل، فقد تقدم عدد من الشباب بأوراق عمل لمناقشة المحاور الخاصة بهم وكان من ضمنهم الشاب محمد مطر، إذ تناول موضوع تمكين الشباب سياسيا معتمدا فيها على عدد من المصادر وقد جاء في ورقته:

لم يشهد الشباب معاني، تحمل الأمل واليأس في آن واحد، يمتزج في جسدها الحماس والتقاعس، يتصارع في فكرها الاهتمام واللامبالاة، تملك القوة ويتملكها الضعف، تشد الطموح ويرخيها الإحباط. ترتجل العنفوان وتتقصد الاهتراء، تتأرجح بين عفوية الانتشار ونظرية الاعتزال، إلا في هذا العصر.

أولاً: نظرة عامة

لعب الشباب في الوطن العربي دوراً مهماً في تحرير بلادهم ووضعها على بداية درب التحديث، وساروا بها خطوات مهمة في هذا الطريق، غير أن «النظم الحاكمة» - مع الأسف والأسى العميقين - في فترة ما بعد الاستقلال السياسي اتجهت إلى كف حماسته وتهدئة ثوريته واحتواء نشاطه. وتجد تلك النظم نفسها مضطرة من أجل مواجهة هذا المد الثوري المعارض لبعض مشروعاتها بأن تتخذ إجراءات أو أخرى للحد من كل ما يمكن الشباب لمشاركة فاعلة وقوية ومؤثرة.

ليس ثمة شك في أن الظروف المحلية والقومية والعالمية التي يعيش فيها أو يتأثر بها جيل الشباب العربي الآن تختلف اختلافاً جوهرياً - في النوع والكم - عن تلك التي عاشت فيها أو تأثرت بها أجيال سابقة. لكنه في الوقت نفسه مازالت مميزات مرحلة الشباب هي ذاتها لم تتغير، فالشباب مازال طاقة للتغيير والتشكيل، ولم يتغير طبعه الاجتماعي وميله الطبيعي للانتماء لمجموعة يعطيها وتعطيه. فدوره في المجتمع لا يقل أهمية وتأثيراً عن دور أي قطاع آخر، إلا أن هذا الدور بدأ ينـحسر شيئاً فشيئاً حتى أصبح الشباب يقترب من هامش المجتمع، وأحياناً كثيرة ينزلق فيه.

لو تمعنا في مظاهر انـحسار دور الشباب نجد بأن أهمها هو انصرافهم عن الأحزاب والحركات السياسية، أو ضعف وجودهم فيها. ولا يقتصر الأمر على المجالات السياسية، بل يمتد إلى مجالات أخرى، منها مجال الثقافة. وكلنا يشهد عزوف الأوساط الواسعة من الشباب عن المشاركة في الحياة الأدبية والفكرية إبداعاً أو قراءة أو حواراً.

لذلك نـحن بحاجة إلى تنشئة وتنمية الشباب ليكون واعيا لذاته وقدراته، منتمياً لوطنه ومشاركاً في تنميته وتطوره مشـاركةً حقيقيـةً وفاعـلة، ومتمكناً من التعـامل مـع متغيرات العصـر ومستجداته بوعي وثقة واقتدار ضمن بيئة داعمة وآمنة.

حق المشاركة

حق المشاركة لكل أشكالها ومجالاتها حق من حقوق الإنسان الأساسية كما جاء في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وهو أداة للتنمية الفعالة وأسلوب للممارسة السياسية والمسئولية الاجتماعية والتربوية لأفراد المجتمع، فالمشاركة تعطي الإنسان الحق في إخضاع جميع القضايا التي تؤثر عليه وعلى جماعته للمناقشة وإبداء الرأي وتنمي الشعور بالانتماء لديه. فقد تأخذ طابعاً استشارياً أو تقريرياً أو تنفيذيا أو رقابيا وهي تعني التأثير على تحديد السياسات العامة، واتخاذ القرار، واختيار القيادات.

تمكين الشباب للمشاركة

هو توسيع الإمكانات والقدرات لدى الشباب في المشاركة، والمفاوضة، والتأثير والتحكم والقدرة على المساءلة للمؤسسات التي تؤثر في حياتهم، وإكسابهم القدرات التي تمكنهم من القيام بواجبهم تجاه أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم، وبناء هذه القدرات بما يدفعهم إلى المشاركة الفاعلة ويمكنهم من اتخاذ القرار وتحمل المسئولية.

ثانياً: أسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية والعامة أسباب عزوف الشباب عن المشاركة في المجالات العامة كثيرة ومتداخلة، نذكر منها النقاط الرئيسية الآتية:

عدم وعي الشباب بأهمية المشاركة في الحياة العامة

ناتج من عدم استيعاب الشباب لدوره الحقيقي في المجتمع، وهذا أبرز نتاجات أساليب التخدير والتأثير التي تستخدمها معظم الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي لإلهاء الشباب عن التفاعل مع قضاياه المحلية والقومية. ونرى تلك الأساليب بوضوح في الاهتمام المفرط بالنواحي الرياضية - بعض الرياضات - على حساب الأنشطة الثقافية، وفي التزايد المستمر لوسائل الترفيه وأماكنها (دور سينما، مسرح، منتزهات، مجمعات تجارية... إلخ)، ما يفقد حياة الشباب العمل والنشاط الجدي.

انشغال الشباب بمشكلاتهم الحياتية

نتيجة لتزاحم المشكلات الحياتية للشباب كالبطالة والفقر والسكن، يصبح الشباب أكثر اهتماماً بتلك القضايا التي تمس واقعه ومستقبله على حساب اهتمامه بقضايا المجتمع والوطن والإطار القومي التي أصبحت منهلاً للإحباطات المستمرة للشباب. فوضع الدول العربية التي تخضع في سياساتها الداخلية والخارجية لاعتبارات عالمية غير مرضٍ لطموح الشباب في شبكة العلاقات العالمية، والصراع الاجتماعي يضعهم في ظروف اجتماعية واقتصادية بالغة الصعوبة أمام طبقات بلغت مستوى الترف الاستهلاكي وبيروقراطية متحجرة لا تحرص إلا أن تعيش بأي ثمن.

غياب الديمقراطية الحقيقية

حتى يتسنى للمرء أن يعبر عن قناعاته بوضوح وبجرأة وخصوصاً من موقع الاختلاف، يفترض وجود الديمقراطية التي من خلالها يمكن الحديث عن مشاركة جادة لكل قوى المجتمع بمن فيهم الشباب، تحقيقاً لرغباتهم وقناعاتهم وتعبيراً عن الشعور بالانتماء للمجتمع الذي يعيشون فيه.

في الأسرة

تعتبر الأسرة من أهم أدوات التنشئة الديمقراطية وأعظمها تأثيراً في حياة الأفراد فهي أول جماعة يعيش فيها الفرد، وهي التي تنقل إليه كل المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم التي تمكنه من أن يعيش حياة اجتماعية ناجحة بين أفراد المجتمع، فالتجارب والخبرات التي تحدث في مرحلة الطفولة تلعب دوراً مهماً في تشكيل اتجاهات الأفراد وتوجيه سلوكهم الفعلي فيما بعد، ويستمر تأثير هذه التجارب والخبرات على الأفراد طوال سنوات المراهقة والنضج. إلا أن نظام الأسرة الشرقية المتحفظة الذي يستند إلى سلطة الأب على الأسرة، وسلطة الأخ الأكبر على سائر الأخوة، وسلطة الذكور على الشابات والنساء. مازال يعرقل تهيئة الشباب ديمقراطياً، فتدخل الأسرة في شئون الشباب، وصعوبة التفاهم بين الأجيال، والتمييز بين البنين والبنات، وعدم مشاركة الشباب في اتخاذ القرارات داخل الأسرة، كل ذلك يسلب حاجة الشباب إلى الاستقلال كمقدمة لبناء شخصيته المستقلة، وتأهيله لأخذ قراراته المصيرية في الحياة والعمل والانتماء، بطرق طوعية بعيداً عن تدخل الآخرين.

في الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني

وجود الأحزاب ديمقراطية التكوين يشكل جاذباً للشباب للدخول الطوعي الحر فيها، ويفتح أمامهم الآفاق للإبداع وإطلاق الطاقات والتقدم في الحياة الحزبية دون عقبات، وتعطي المجال من خلال الديمقراطية الداخلية الواسعة - لا المقننة أو الممركزة بغطاء ديمقراطي - كامل الحق في المناقشة وإبداء الرأي والمشاركة في صناعة القرار إلى جانب التقرير في القضايا المحلية أو القطاعية التي تخص (الشباب، المرأة، العمال) بشكل ديمقراطي دون التعارض مع السياسة العامة وبما يراعي الاحتياجات والمتطلبات الحياتية والمعيشية والديمقراطية الاجتماعية لهذه القطاعات. إلا أن هناك إشكالاً في هيمنة (الكبار) على مواقع القرار وتوزيع المسئوليات والمهمات ما يجعل (الصغار) مجرد منفذين، لا مجال لاكتشاف طاقاتهم ومواهبهم وممارسة إبداعاتهم. ما يدفعهم إلى أحد أمرين، التمرد أو الانكفاء. وإذا كان التمرد فعلاً إيجابياً فإن الشباب في الوطن العربي لا يقدمون عليه لأن الظرف السياسي لا يساعدهم على ذلك، فتمرد الشباب على النظم والعلاقات المقيدة لحركتهم يحتاج إلى مناخ ديمقراطي وإلى وضع اجتماعي مناسب لبروز الجديد وتعبيره عن ذاته، وهذا غير متوافر في مجتمعنا، لذلك يجد القسم الأعظم من الشباب أنفسهم أمام طريق الانكفاء والابتعاد عن الحركة السياسية والانصراف إلى مجالات أخرى يعبرون فيها عن ذواتهم ويبددون طاقاتهم

العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً