العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ

تقرير ديوان الرقابة المالية

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

في حدود الصلاحيات المنوطة به، وفي ضوء حداثة تأسيسه وتجربته، وفي ضوء القيود السياسية والاقتصادية المعروفة، وفي ظل معطيات المرحلة الراهنة التي نعيشها، فإن ما قاله وذكره تقرير ديوان الرقابة المالية يعتبر متقدماً على الواقع المعاش والمرصود، وخصوصاً أنه تحدث بلغة الأرقام والحقائق وبصورة مهنية.

وما قاله وذكره تقرير ديوان الرقابة المالية كثير وكبير، ولم يستثنِ أحداً إلا ما أخذه القانون منه من صلاحيات استثنت عدداً من المؤسسات والأجهزة المهمة والحساسة، وقد تكون الصورة أشد وطأة لو شملت هذه الجهات والمؤسسات في التقرير.

ويمكن عموماً تقسيم الخروقات والمثالب في أداء الأجهزة والشركات التابعة للحكومة إلى قسمين أو ثلاثة أقسام رئيسية. فالأول والأهم يمكن إدراجه تحت بند الفساد بكل أشكاله وتلاوينه سواء كانت السرقات أو التدليس أو الرشوة أو الكسب غير المشروع أو غيره. بينما يمكن وضع القسم الثاني من تلك الخروقات تحت باب التقاعس عن أداء الواجبات في حماية المال العام والاهمال سواء عن عمد أو غير عمد. أما القسم الثالث فيمكن إدراجه تحت بند نقص الخبرة والمهارات اللازمة في أداء الواجب. وهذا التقسيم (باعتقادنا) مهم، وذلك لوضع الطريقة المطلوب التعامل معها مع ما جاء في التقارير من مظاهر وحقائق صارخة.

الجانب الأخر الذي نريد توضيحه، أن حجم مظاهر الفساد والاهمال الذي كشف عنه التقرير يستوجب الاسراع في تقوية الديوان تشريعياً وفنياً وإدارياً، وتشريعياً المقصود به إعطاؤه صلاحية الرقابة المسبقة وليست اللاحقة فقط على اعمال أجهزة الحكومة، كذلك وضع تبعيته لكل من جلالة الملك ومجلس النواب معاً ليصبح كلاهما لديهما سلطات أعلى على الرقابة والمحاسبة، كذلك توسعة نطاق الأجهزة والوزارات التي يشملها بحيث لا يتم استثناء أي جهاز أو مؤسسة.

نقول ذلك في ضوء مسارعة النواب إلى الدعوة إلى تشكيل لجنة للتحقيق في مظاهر الفساد والاهمال التي وردت في التقرير، وادعائه أن اللجنة التي ستشكلها الحكومة هي محاولة للتستر على تلك المظاهر، ناسياً أنه هو نفسه لا يملك الصلاحيات اللازمة للتحقيق في هذه المظاهر كون الديوان يتبع جلالة الملك وليس مجلس النواب وإن كان يقدم تقاريره إليه.

على أية حال، الملاحظات كثيرة، وما ذكرناه هو ملاحظات أولية على الموضوع، ومن الطبيعي أن تعلن الحكومة عن تشكيل لجنة للتحقيق في الخروقات وحوادث الفساد والاهمال التي وردت في التقرير بغية معاقبة المقصرين واتخاذ الإجراءات التصحيحية، ومن الطبيعي أيضاً أن يسعى مجلس النواب إلى ممارسة دروه الرقابي، وإن كان منقوص تشريعياً، من خلال تشكيل لجنة تراقب أداء اللجنة الحكومية وتراجع نتائج ما توصلت إليه، الا أن الأسئلة التي تظل عالقة: لماذا كل مظاهر الفساد والخروقات تلك؟ وهل المسئول عنها هو الموظف المسئول مباشرة؟ وهل كان يجرؤ لو كان الأمر كذلك؟ هل هناك وسيلة تشريعية أو رقابية تمكننا من تتبع خيوط الفساد أفقياً وعمودياً...؟ هذا ما نحاول التطرق إليه في أعمدة قادمة

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً